عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، الخميس 8 يوليو/تموز 2021، ندوة عبر الإنترنت بعنوان “أجهزة أمن السلطة الفلسطينية تهدد حياة المواطنين والحريات” بحضور السيد إركي تووميويا وزير الخارجية الفنلندي السابق، وعدد من النشطاء والخبراء القانونيين من أجل مناقشة الحلول الممكنة التي يمكن عرضها على المجتمع الدولي لوضع حد لانتهاكات هذه الأجهزة وتحقيق السلامة والأمن للمواطنين الفلسطينيين.
أدار الندوة ريس ديفيز، محامي بريطاني متخصص في القانون الجنائي الدولي وقانون حقوق الإنسان، وشدد في كلمته الافتتاحية على أن المهمة الأساسية لأي حكومة هي حماية حقوق وسلامة مواطنيها وتساءل “هل يمكن القول إن السلطة الفلسطينية تشكل تهديدًا فعلياً على سلامة مواطنيها في ظل الأحداث الصادمة التي وقعت قبل أسبوعين؟ “.
عُقدت الندوة بحضور ومشاركة السيد غسان بنات، شقيق نزار بنات الوحيد، والذي تحدث في كلمته عن الظروف المأساوية التي تعيشها أسرة نزار الآن، وهو أب لخمسة أطفال، أصغرهم طفلة تبلغ من العمر شهراً فقط، ستنشأ يتيمة بعد مقتل والدها الذي كان يحب الصحافة والتصوير الفوتوغرافي ويستمتع بالحياة.
وأكد غسان أن نزار قُتل بسبب انتقاده فساد السلطة الفلسطينية، خاصة بعد صفقة تبادل اللقاحات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتي كانت فضيحة، فضلاً عن استيائه من ارتفاع معدل البطالة في فلسطين، حيث بلغت نسبة البطالة في فلسطين 36٪، خاصة بين فئة الرجال (24 – 30 سنة).
وأضاف غسان أن “نزار شكل قائمة انتخابية ودعمه الناس، إلا أنه تم إلغاء الانتخابات، فوجه رسالة إلى الاتحاد الأوروبي لقطع التمويل عن السلطة الفلسطينية بسبب ممارساتها القمعية، التي كان يرفضها نزار الذي سعى إلى تعزيز الديمقراطية في بلده بطريقة سلمية”.
وتابع غسان “أمرت السلطة الفلسطينية بقتل نزار، بدعوى أنه عميل وخائن بسبب دعوته إلى وقف تمويل النظام السياسي في فلسطين”.
كما تحدث غسان عن ملاحقات السلطة لنزار، حيث قال “في أحد الأيام، أطلقت السلطة الفلسطينية الرصاص الحي داخل غرفة نوم نزار، مما دفعه إلى ترك زوجته وأطفاله في المنزل والفرار إلى (منطقة ج) لمدة شهرين لحماية حياته، على الرغم من عدم ارتكاب أي جريمة.
وتابع متحدثاً عن يوم مقتله “في ليلة وفاة نزار كان نائماً بينما داهم 20 جندياً من جهاز الأمن الوقائي برئاسة الضابط عزيز الطميزي (الظاهر في شريط فيديو) منزله.
قاموا بضربه بوحشية، وشهد اثنان من أبناء عمومته الحادث الوحشي. كان بإمكانهم اعتقاله بسهولة، لكنهم بدأوا بضربه بالأدوات الحادة في نفس الوقت، حاول نزار النهوض لكنهم رشوا 3 زجاجات من غاز الفلفل في فمه.
ثم قيدوا نزار وضربوه مرة أخرى وسحبوه إلى السيارة وضربوه مرة أخرى في السيارة التي ظهرت في تسجيلات كاميرات الحي، وعلى الأرجح قُتل في السيارة… خلال ست دقائق مات نزار “.
وأضاف غسان، بحسب ما قاله الطبيب، “مات نزار بسبب الغاز، وليس بنوبة قلبية كما تدعي سلطات السلطة الفلسطينية”.
“الجدير بالذكر أن السلطات رفضت تسليم جثمان نزار للوالد أو لي وسلمته لأقارب آخرين وأمرت بدفنه في منتصف الليل”.
وفي كلمته، طلب غسان المساعدة في الوصول إلى الاتحاد الأوروبي وإعطاء تفاصيل عن جريمة قتل شقيقه الوحيد وطالب المجتمع الدولي بالتحرك لأن السلطة الفلسطينية لن تحقق بشكل عادل في مقتل نزار ولن تتوقف هذه الجرائم، فبحسب الإحصاءات نزار هو الرقم 39 من القتلى على يد السلطة.
أما مجدولين حسونة، الصحافية في شبكة تي آر تي التركية، أكدت في كلمتها أن مقتل نزار بنات كشف حقيقة واقع حرية التعبير وحرية الصحافة في فلسطين.
“بعد مقتل نزار بنات، نزل المتظاهرون إلى الشوارع وطالبوا بتحقيق عادل في مقتل نزار، وقامت السلطة الفلسطينية بقمع المتظاهرين والصحفيين لمنعهم من كشف الحقيقة”.
وبينت مجدولين أنها تعرضت وغيرها من الصحفيين للضرب خلال الاحتجاجات، وتم مصادرة كاميراتهم وهواتفهم المحمولة وتحطيمها، كما تعرضت المدافعات عن حقوق الإنسان والصحفيات للتحرش الجنسي في الشوارع، وتعرضن لكافة أشكال العنف.
وأضافت “قام الأمن بكسر ذراع فيحاء خنفر كما تعرضت ديالا عايش للضرب والمضايقة في مركز الشرطة وأصيبت أخرى بانفجار عبوة ناسفة في وجهها”
وطالبت مجدولين الأمم المتحدة بتوفير حماية دولية للصحفيين لأنهم “يخشون التعرض للقتل أو الاعتقال في أي وقت”.
إدوارد جوزيف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جونز هوبكنز، بدأ كلمته بالقول إن “الفساد بلاء رهيب له تداعيات هائلة على المجتمع، ومع ذلك، فقد تسبب القتل المأساوي لبنات في رد فعل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي”، كما دعا “دول أخرى إلى العمل على ضمان تحقيقات نزيهة من أجل تحقيق العدالة”.
وأضاف “سيأتي التغيير من المواطنين الفلسطينيين وأولئك الذين يدعمون السلطة الفلسطينية مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهم حين يطالبون السلطة بتحمل المسؤولية ومساءلة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان”.
وأكد أنه “على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يطالبوا بالتقرير الذي تم بعد التحقيق في مقتل نزار بنات، وفي حال الرفض أو نشر تقارير مزيفة -ويمكن معرفة ذلك بسهولة-، يمكننا الانتقال إلى الخطوة التالية، حيث يمكن للمواطنين الدعوة إلى تحقيق مستقل “.
وتابع “ربما يطالب الفلسطينيون حينها بنفس مطالب نزار بنات نفسه: قطع تمويل الاتحاد الأوروبي”.
المحامي الفلسطيني والناشط الحقوقي وائل أبو نعمة قال في كلمته “لدينا خبرة طويلة مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بإجبار السلطة الفلسطينية على احترام قوانينها وحقوق الإنسان الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التجمع”.
وتابع “للأسف، نحن لسنا واثقين من أنهم سيفعلون الكثير لأن دور السلطة هو حماية أمن إسرائيل، وهذه هي الطريقة التي تمنع بها السلطة الفلسطينيين من محاربة الاحتلال، بل تساعد الاحتلال عن طريق الاعتقال وتصفية المعارضين السياسيين”.
واختتم كلمته قائلاً “نزار لم يكن أول أو آخر قتيل على يد السلطة أو في سجون السلطة. لدينا مشكلة قد تتصاعد إلى حرب أهلية.. وللمجتمع الدولي دور كبير في هذه القضية كون السلطة الفلسطينية جزء من اتفاقيات أوسلو”.