عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الجمعة 3 مارس/ آذار الجاري ندوة لمناقشة مشروع القانون الذي أقرته اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في حكومة الاحتلال والذي يتضمن تنفيذ عقوبة الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، كما يضاعف من الممارسات القمعية والتنكيلية التي يعاني منها الأسرى حاليًا بالفعل، خاصة وأنه سيكون ذريعة لسلطات السجون لزيادة عمليات العزل الانفرادي والإمعان في التنكيل بالأسرى، بحجة أنهم في حكم المحتجزون شديدي الخطورة.
شارك في الندوة جيل ديفرز، محام دولي وأكاديمي فرنسي، وروبى صليبي زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة أكسفورد، والأب عيسى مصلح، المتحدث باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، ولؤي البسيوني مهندس إلكترونيات فلسطيني في وكالة ناسا، والمحامية الدولية ديالا شحادة.
في كلمتها الافتتاحية أكدت رُبى صليبي على ضرورة منح الأسرى الفلسطينيين الحماية بموجب القانون الدولي، فعلى الرغم من أن مقاومة الاحتلال حق مشروع لأي شعب محتل، إلا أنه ومنذ بدء الاحتلال الإسرائيلي استمرت إسرائيل في انتهاك القوانين الدولية ولم تُحاسب مطلقا على العنف والإرهاب الذي تمارسه ضد الفلسطينيين.
وأشارت رُبى إلى أن الإجراءات العقابية الجديدة المتخذة ضد الأسرى الفلسطينيين تشكل جزءًا لا يتجزأ من العنف البنيوي الأوسع الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ عام 1948، حيث ستتضمن هذه السياسات الجديدة تشريعًا لعقوبة الإعدام للأفراد المتهمين بارتكاب “أعمال إرهابية” من وجهة نظر الاحتلال.
وذكرت صليبي على أن عدد الأسرى الفلسطينيين حاليا بلغ 4765 أسيرا، يعانون بالفعل من ظروف اعتقال قاسية وإهمال طبي جسيم، وفي الأول من آذار (مارس) 2023، بلغ عدد المعتقلين الإداريين 967 شخصا دون مبرر قانوني، بينهم خمسة أطفال وامرأة واحدة.
وإمعانا في التنكيل بالأسرى سيشمل القانون المزمع تشريعه أيضًا فرض شروط أقسى، كالحرمان من العلاج الطبي، وسحب الجنسية والإقامة من الأسرى، وكل تلك الإجراءات تنتهك القانون الدولي والمعاهدات الدولية التي تحظر العقاب الجماعي للأشخاص المحميين بموجب اتفاقية جنيف.
المحامية الدولية ديالا شحادة بدأت حديثها بالتشديد على أن القانون الجديد الذي تم تمهد له إسرائيل هذا الأسبوع مثير للجدل بشكل خاص بالنسبة لدولة نفذت عقوبة الإعدام مرة واحدة فقط قبل 61 عامًا بالضبط عندما تم شنق مهندس المحرقة أدولف أيخمان عام 1962 بتهمة الإبادة الجماعية، وارتكابه جرائم ضد الإنسانية، فوفقًا لهذا القانون، فإن الفلسطيني الذي يدافع عن حياته ضد الجرائم التي ترتكبها دولة إسرائيل بحقه، هو مساوٍ للنازيين الذين ارتكبوا المحرقة قبل 70 عامًا.
وتساءلت شحادة عن طبيعة المواطن الإسرائيلي الذي صُمم هذا القانون من أجله، هل هو الجندي الإسرائيلي الذي يطلق النار على المدنيين العزل، أم الذي يدمر منازل الفلسطينيين ويحرقها؟ أم هل هو المتطرف الإسرائيلي الذي يعبر عن عنصرية وكراهية صريحة للفلسطينيين، واصفا إياهم بـ “السرطان” الذي يجب “إبعاده عن الدولة اليهودية” بأي وسيلة، والذي يشارك في كل الجرائم العسكرية المرتكبة بحق الفلسطينيين؟
وأكدت شحادة أن استمرار انتهاك الاحتلال الإسرائيلي للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة لم يكن ليوجد لولا دعم الولايات المتحدة التي استخدمت حق النقض ضد 53 قرارًا على الأقل من قرارات مجلس الأمن ضد إسرائيل منذ عام 1972.
وفي كلمته أكد الأب عيسى مصلح أن مشروع القانون الإسرائيلي الخاص بإعدام الأسرى الفلسطينيين لن يؤدي أبدًا إلى السلام بل سيؤجج العنف وربما يكون السبب في انتفاضة ثالثة ورابعة، مشددا على رفض هذا القانون الذي يقضي على أي إمكانية للسلام في المنطقة.
وفي كلمته استنكر لؤي البسيوني القانون المزمع تشريعه من قبل الاحتلال الإسرائيلي، قائلا أنه من غير الطبيعي أن هناك دولا ما زالت تقنن عقوبة الإعدام في القرن الحادي والعشرين، والتي تم رفعها في غالبية دول العالم، وانتقد القمع الذي تمارسه سلطات الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين والصمت الدولي تجاهه
المحامي الدولي جيل ديفيرز، أكد في كلمته أن فلسطين كانت دولة مستقلة قبل قيام دولة إسرائيل، وأن إسرائيل قامت بعد اعتداء مكثف وعنيف على القرى الفلسطينية وليس بموجب القانون، وشدد على أنه لا يحق لأحد إنكار وجود الدولة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مشددا على ضرورة احترام السيادة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية.
وانتقد ديفر عجز الأمم المتحدة عن فعل أي شيء ، وقال إن أهم السبل القانونية لإيجاد حل لهذه الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة هو من خلال المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الأوربية، وأوضح أن هذه هي أنجع السبل لأنها يمكن أن تؤدي إلى قطع العلاقات الاقتصادية بين الاحتلال الإسرائيلي والاتحاد الأوروبي.