عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة مساء الجمعة 21 أكتوبر/تشرين الأول حول الاعتقال التعسفي وقمع الحريات المتزايد في المملكة العربية السعودية بحضور ومشاركة عدد من الأكاديميين والسياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين بدورهم سلطوا الضوء على معاناة معتقلي الرأي في المملكة مطالبين المجتمع الدولي بالتحرك لأجلهم.
شارك في الندوة: إيريك ديفيز – أستاذ العلوم السياسية في جامعة روتجرز، ونصير العمري – معلق سياسي وأستاذ في جامعة مدينة نيويورك، وآدم شابيرو– مدير المناصرة لقسم إسرائيل- فلسطين في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، وعبد الله العودة – مدير أبحاث الخليج في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، وأبرامو إميليانو – عضو لجنة الفصل في طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
بدأت الندوة بكلمة البروفسور إريك ديفيز الذي تحدث عن العلاقات السعودية الأمريكية في ظل الأحداث الجارية لافتا أن “منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمر بأزمة كبيرة في الوقت الحالي”، وأضاف “في رأيي، محمد بن سلمان مسؤول بنسبة كبيرة عن تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية بسبب نمط إدارته الذي يتسم بالقمع والعنف”.
وتابع “في الوقت الذي يحاول فيه بن سلمان ترسيخ شرعية حكمه بين جيل الشباب بالسماح لهم بالاختلاط وحضور فعاليات رياضية عالمية على أرض المملكة وإقامة الحفلات، لكنه في المقابل لم يتوقف عن ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان والتي مع الأسف قوبلت بانتقادات دولية ضعيفة، وهذا لأن الكثير من الدول تعتمد بشكل كبير على النفط السعودي، وهو ما يترك المجتمع الدولي يقف موقفا سلبيا أمام هذه الانتهاكات والممارسات القمعية”.
ولفت ديفيز إلى أنه “في عالم يسوده الكثير من التراجع الديمقراطي يوجد شيء واحد فقط واحد يجب فعله للوصول إلى حل لأزمة الاعتقال التعسفي في السعودية، وهو خلق إجماع دولي يرى من جهة أن السعودية لاعبًا أساسيًا في المجتمع الدولي، ومن جهة أخرى فإن فردًا واحدًا وهو محمد بن سلمان لا يمكن أن يستمر في معاملة البلد كدمية خاصة به”.
واختتم البروفسير ديفيز كلمته قائلا “التزام الصمت والسماح لمحمد بن سلمان بمواصلة العمل بالطريقة التي يتبعها لن يؤدي إلا إلى تشجيعه على ارتكاب مزيد من الانتهاكات”.
انتقلت الكلمة بعد ذلك للدكتور نصير العمري الذي أكد أن “محمد بن سلمان يشكل خطراً على السعودية وعلى الشرق الأوسط بشكل عام… لقد اتخذ قرارات لا يتخذها شخص على دراية ووعي بالسياسة”، مشيرًا إلى التدخلات السعودية في اليمن ولبنان وحصار قطر.
وأضاف البروفيسور العمري: “مقتل جمال خاشقجي أوضح الكثير عن محمد بن سلمان وعقليته والطريقة التي يتعامل بها مع الأمور… أظهرت تلك الجريمة الوحشية مدى الخطورة التي يمثلها بن سلمان”.
وأكد العمري أن “الولايات المتحدة مخطئة تمامًا بشأن تصورها أن ديكتاتور مثل محمد بن سلمان يمكن السيطرة عليه”، مضيفًا “في كل مرة وقفوا فيها إلى جانب الطغاة العرب، اكتشفوا في النهاية أن الأمور كانت تزداد سوءًا لكل من الشرق الأوسط وأمريكا على حد سواء”.
مدير المناصرة لقسم فلسطين/ إسرائيل في منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي آدم شابيرو لفت في كلته إلى أن دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وخاصة دعمها للأنظمة غير الديمقراطية وممارستهم القمعية يجب أن تتغير خلال الفترة المقبلة”، مضيفًا ” على الولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى التوقف عن اتباع معايير مزدوجة ومنافقة في التعامل مع الأنظمة غير الديموقراطية في المنطقة”.
وأضاف السيد شابيرو “نحن كمجتمع مدني، لن نتوقف عن مواصلة ضغطنا وإيصال صوت جميع الضحايا للعالم أجمع ومحاسبة كل المتواطئين والمتورطين في جرائم حقوق الإنسان”.
من جانبه، تحدث السيد أبرامو إميليانو – عضو لجنة الفصل في طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي، عن تجربته في التواصل مع الضحايا اليمنيين والإثيوبيين الذين هاجروا إلى إيطاليا هربًا من الظروف القاسية والمعاناة التي لاقوها أثناء تواجدهم في المملكة العربية السعودية، مشددا أنه على الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات ضد القمع السعودي والعمل على إنصاف هؤلاء الضحايا وتحقيق العدالة لهم.
بعد ذلك تحدث الناشط والباحث السعودي الدكتور عبد الله العودة، إذ قدم لمحة عامة عن نشاط المجتمع المدني في المملكة العربية السعودية في فترة ما بعد 2011، موضحًا أن مطالب الناس تركزت على الالتزام بالقوانين التي سنتها الدولة نفسها من قبل، وإطلاق الحريات”.
وتابع “مع ذلك، في أعوام 2013 و2014 و 2015، اختلفت لهجة النظام كليًا، أخبرونا: إن كنتم تريدون منا أن نطبق القانون فسنسن قانون جديد حول مكافحة الإرهاب، وقانون الجرائم الإلكترونية، وهي بكل أسف قوانين صُممت خصيصًا لمحاكمة المجتمع المدني والمعارضين والنشطاء السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان”.
وأوضح السيد العودة أن قمع الحريات والتعامل بشراسة مع الحريات بدأ منذ تلك الفترة ولم يتوقف حتى الآن، قائلًا “موجات الاعتقال والقمع هذه سببها الأساسي جنون العظمة لدى المسؤولين في النظام”، لافتا إلى إعدام النظام السعودي 81 مواطنًا بطريقة مروعة في نفس اليوم الذي زار فيه رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون السعودية.
وفي ختام كلمته، تحدث السيد عبد الله العودة عن معاناة ومحنة والده الداعية والمفكر سلمان العودة داخل السجون السعودية منذ اعتقاله في سبتمبر/أيلول 2017، مشيرًا أن أخباره منقطعة بصورة كلية منذ أكثر من عام تقريبًا.
كما تحدث العودة عن الاضطهاد المنهجي الذي يتعرض إليه أفراد عائلته في السعودية، موضحًا أن 19 شخصًا منهم ممنوعون من السفر حاليًا، بالإضافة إلى تعرض شقيقه وبعض أبناء عمومته للاعتقال انتقامًا من نشاطه في الخارج، فضلًا عن الحكم على عمه خالد بالسجن 8 سنوات لمطالبته بإطلاق سراح شقيقه الشيخ سلمان العودة.