في ضوء التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة ضد العدالة الدولية والإنسانية، خاصة بعد قرار الكنيست بقطع العلاقات مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وحملات الضغط المستمرة ضد المحكمة الجنائية الدولية، عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة بعنوان “دور المجتمع الدولي في التصدي للبلطجة الإسرائيلية ضد العدالة والإنسانية“ سلطت الضوء على هذه التحديات وبحث الاستراتيجيات والخطوات العاجلة للتصدي للبلطجة الإسرائيلية.
شارك في الندوة البروفيسور مايكل لينك – المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والبروفيسور ستيفن زونيس– أستاذ الأمن الدولي والسياسة الخارجية بجامعة سان فرانسيسكو، ود. ليكس تاكينبيرغ– محامي دولي ومستشار منظمة النهضة العربية ومدير العمليات السابق في الأونروا، والمحامي الهولندي هارون رضا – محام حركة 30 مارس ومنظمة هند رجب، ود. إميليو دابيد – محام دولي وأستاذ القانون في جامعة يورك في تورونتو، والناشطة الأمريكية سارة فلاوندرز– مدير مركز العمل الدولي في الولايات المتحدة.
بدأ البروفيسور مايكل لينك مداخلته بالتطرق إلى وضع إسرائيل داخل الأمم المتحدة في ضوء ممارساتها الأخيرة، والتي رأى أنها سبب قوي للدول الأعضاء لإعادة النظر في استمرار عضوية إسرائيل في المنظمة.
وسلط الضوء على العديد من الوقائع الرئيسية التي تستلزم التحرك العاجل من الدول الأعضاء، مثل خطاب رئيس وزراء إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، والذي وصف خلاله الأمم المتحدة بأنها “بيت الظلام” في إشارة إلى أنها تعادي السامية. كما سلط لينك الضوء على الإجراءات التشريعية التي اتخذها الكنيست الإسرائيلي لإغلاق عمليات الأونروا في الأراضي الفلسطينية، والهجمات المستمرة على مدارس الأمم المتحدة والأونروا، ومقتل أكثر من 230 موظفًا تابعًا للأمم المتحدة في غزة، والتي قال إنها حصيلة غير مسبوقة غير مسبوقة في حرب واحدة. بالإضافة إلى ذلك، أشار لينك إلى رفض إسرائيل مؤخرًا لحكم صادر عن محكمة العدل الدولية حول احتلالها غير القانوني للأراضي الفلسطينية.
استشهد لينك كذلك بتجاهل إسرائيل المستمر لأكثر من 30 قرارًا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مدى السنوات الخمس والأربعين الماضية، والتي شملت قضايا مثل الضم غير القانوني للقدس الشرقية، والفشل في الالتزام باتفاقية جنيف الرابعة، والتغاضي عن عنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين.
وأكد لينك أن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، بما في ذلك تلك المتعلقة بعدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، تنتهك بوضوح المبادئ الأساسية للأمم المتحدة. بسبب هذه الأسباب وأكثر تساءل لينك بوضوح عما إذا ينبغي إعادة تقييم عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة، مشيرًا إلى السابقة التاريخية لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، التي ألغيت عضويتها في نهاية المطاف في السبعينيات.
واختتم لينك بمناقشة التوجيه الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة لإسرائيل بإنهاء احتلالها وإجلاء المستوطنين في غضون 12 شهرًا، وهو التفويض الذي اعتبر أنه من غير المرجح أن تحترمه إسرائيل. وحذر من أزمة محتملة في الدبلوماسية الدولية بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، حيث تواجه الأمم المتحدة والمجتمع العالمي استمرار احتلال إسرائيل، مما قد يؤدي على الأرجح إلى إشعال التوتر مع الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، علق لينك على الاستبدال الأخير لقاضية في لجنة ما قبل المحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية التي تقرر أوامر الاعتقال، مشيرًا إلى أن آراء القاضية السابقة حول فلسطين لا ينبغي أن تؤثر على دورها الحالي، مشددًا على أهمية عملية المراجعة العادلة، معربًا عن أمله في أن تستمر إجراءات المحكمة الجنائية الدولية بشكل محايد ومع مراعاة جرائم الحرب الإسرائيلية.
المحامي الهولندي هارون رضا بدأ كلمته بمناقشة شكوى حديثة تم تقديمها إلى مكتب المدعي العام الهولندي بشأن التهديدات الإسرائيلية ضد أعضاء المحكمة الجنائية الدولية. وسلط الضوء على التدقيق المستمر المحيط بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي تحدث في فلسطين، مؤكدًا أن هذه التهديدات تستهدف استقلال المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار رضا إلى تقرير من صحيفة الجارديان، والذي كشف أن أحد قضاة المحكمة الجنائية الدولية تعرض للترهيب من قبل قيادة الموساد السابقة، واستمر لمدة تقرب من عقد من الزمان. وأشار رضا إلى أن البرلمانيين الهولنديين أثاروا تساؤلات حول دور السلطات الهولندية في ضمان أمن المحكمة الجنائية الدولية، وخاصة في ظل التهديدات من جانب المسؤولين الإسرائيليين وبعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي.
وتحدث رضا عن الشكوى التي رفعتها شركة محاماة متخصصة في القانون الإنساني الدولي، والتي اتهمت مسؤولين إسرائيليين وأعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين بمحاولة التدخل في عمل المحكمة الجنائية الدولية. ووفقا لرضا، فإن أعضاء مجلس الشيوخ الأميركيين هددوا باتخاذ إجراءات ضد المحكمة الجنائية الدولية إذا ما تابعت قضايا ضد مسؤولين إسرائيليين. كما شرح بالتفصيل كيف لجأ المسؤولون الإسرائيليون إلى تكتيكات الترهيب الجسدي، وفي حين تظل تفاصيل التحقيق غير معلنة لأسباب تتعلق بالأمن القومي، أعرب رضا عن ثقته في أن مكتب المدعي العام الهولندي يمتلك أسبابًا كافية للمضي قدما في التحقيق، وربما يؤدي حتى إلى مقاضاة المسؤولين.
وفي ختام كلمته، أعرب رضا عن قلقه إزاء ما يراه جهدًا منسقا لتقويض عمل المحكمة الجنائية الدولية، مشيرًا إلى أن هذا كان جزء من نمط أوسع من المضايقة ضد مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية. واستشهد رضا بتجربته الشخصية في تقديم الشكاوى ضد أكثر من ألف جندي إسرائيلي من مزدوجي الجنسية والذين شاركوا في حرب الإبادة الحالية في غزة.
وحول اتهامات التحرش الأخيرة ضد المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان قال رضا إنها قد تكون محاولات لنزع الشرعية عن تصرفات المحكمة. وحذر رضا من أن القلق المتزايد لدى إسرائيل إزاء التدقيق الدولي ينبع على الأرجح من الوعي بالمساءلة المحتملة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، كما أكد على الحاجة إلى اليقظة لضمان قدرة المحكمة الجنائية الدولية على مواصلة ولايتها بفعالية، خالية من التهديدات الخارجية والإكراه.
افتتح الدكتور ليكس تاكينبيرج كلمته بالحديث عن التشريع الأخير الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، والذي يطالب فعليًا بوقف أنشطة الأونروا في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بما في ذلك القدس الشرقية. وأكد أن هذه التدابير التشريعية تمثل تصعيدًا كبيرًا في معارضة إسرائيل الطويلة الأمد للأونروا، مما يمثل تتويجًا لسنوات من العداء المتزايد، وخاصة منذ بداية الحرب الأخيرة في غزة. وأوضح تاكينبيرج كيف تمنح هذه القوانين وزارة الخارجية الإسرائيلية سلطة إلغاء اتفاقها مع الأونروا، وهو تحول جذري عن النهج الذي تم اتباعه منذ عام 1967، حيث طلبت إسرائيل في البداية من الأونروا مواصلة العمليات في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
كما حذر تاكينبيرج من الأزمة القانونية والإنسانية التي يمكن أن تسببها هذه التدابير التشريعية، وخاصة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على الأونروا كشريان حياة، وخاصة في غزة، حيث تنسق الوكالة تقديم المساعدات الحيوية بالتعاون مع كيانات الأمم المتحدة الأخرى والمجموعات الإنسانية. وحذر كذلك من أنه إذا فعلت إسرائيل هذه التدابير، فإن العواقب ستكون وخيمة، مما قد يؤدي إلى المزيد من الاضطرابات الإنسانية. وبالإضافة إلى ذلك، أكد تاكينبيرج أن هذه الإجراءات تنتهك ثلاثة أوامر صادرة عن محكمة العدل الدولية والرأي الاستشاري الصادر في يوليو/تموز، والتي تطالب إسرائيل بشكل جماعي بتعزيز وصول المساعدات الإنسانية وليس عرقلتها، كما أكد على مسؤولية المجتمع الدولي في مواجهة مساعي إسرائيل لقطع الدور الحاسم الذي تلعبه الأونروا.
وفي ختام كلمته، تحدث تاكينبيرج عن التدابير التي تدرسها الأمم المتحدة استجابة لهذا الوضع غير المسبوق، بما في ذلك جلسة طارئة محتملة للجمعية العامة وقرار لمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار مع الإشارة المباشرة إلى تشريعات الأونروا. كما ذكر أن دولًا مثل النرويج وماليزيا تدعو إلى اتخاذ المزيد من الإجراءات، بما في ذلك تعليق أوراق اعتماد إسرائيل لدى الأمم المتحدة. وأعرب تاكينبيرج عن شكوكه في أن تستجيب إسرائيل للدعوات الغربية لإعادة النظر في هذه التشريعات، لكنه أكد على أن المجتمع الدولي يجب أن يظل حازمًا في حماية الأونروا، وبالتالي حماية حياة واحتياجات اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون عليها وسط الأزمة المستمرة.
بدأ البروفيسور ستيفن زونس مداخلته بتسليط الضوء على الدور النشط للولايات المتحدة في عرقلة لوائح الاتهام التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الإسرائيليين، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. وأشار إلى أن رد فعل إدارة بايدن على تقرير صادر عن لجنة من خبراء القانون الدوليين والباحثين القانونيين الذين أوصوا بهذه الاتهامات يمثل موقفًا غير مسبوق. ووفقًا لزونس، أدان الرئيس بايدن التقرير علنًا، مما يمثل المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يقف فيها رئيس في منصبه صراحةً إلى جانب مجرمي الحرب ضد القانون الدولي. وأكد على مفارقة إدانة بايدن، نظرًا لأن التقرير لم يعترض على حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، ومع ذلك أطرته الإدارة على أنه إهانة لأمن إسرائيل.
كما انتقد زونس دعم الحكومة الأمريكية المستمر لإسرائيل من خلال سرد تصريحات لوزير الخارجية أنتوني بلينكن، الذي وصف تصرفات المحكمة الجنائية الدولية بأنها “مخزية” ورفضها تمامًا. وأكد أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، قد استعرض التوصيات بدقة، ووجد أسبابًا معقولة للاعتقاد بأن المسؤولين الإسرائيليين مذنبون بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
واتهم زونيس الولايات المتحدة بالنفاق، وذلك لأنها دعمت مؤخرًا لوائح اتهام المحكمة الجنائية الدولية ضد المسؤولين الروس، بينما رفضت اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين على أساس أن إسرائيل ليست طرفًا في نظام روما الأساسي. وأشار إلى أن هذا الموقف تجاهل حقيقة انضمام فلسطين إلى النظام الأساسي في عام 2015، مما أدى إلى تأسيس سلطة المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة على أراضيها.
وفي ختام كلمته، انتقد زونيس المعايير المزدوجة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، حيث يعتمد دعم المحكمة الجنائية الدولية على توافقها مع المصالح الأمريكية، مشيرًا إلى استخدام الولايات المتحدة مشروع قانون صدر عام 2001، والمعروف باسم قانون غزو لاهاي، والذي يسمح للولايات المتحدة باستخدام أي وسيلة، بما في ذلك القوة العسكرية، لمنع احتجاز أفراد أمريكيين أو حلفاء من قبل المحكمة الجنائية الدولية. ورأى زونيس أن هذه المعارضة العميقة الجذور للقانون الإنساني الدولي تعكس نمطاً من تمكين الدول الحليفة، مثل المملكة العربية السعودية، من شن حملات عنيفة في ظل الإفلات من العقاب.
وزعم أن هذا الموقف الأميركي يضمن للحكومات الحليفة قدرتها على مواصلة سياساتها القمعية بدعم أميركي، الأمر الذي من شأنه أن يعزز من بيئة يشعر فيها مرتكبو جرائم الحرب بالحماية من المساءلة.
المحامي الفلسطيني-التشيلي د. إميليو دابيد بدأ كلمته بانتقاد المعايير المزدوجة للقوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة وأوروبا، في تطبيق القانون الدولي، مؤكدًا أن الاعتماد على المحاكم الدولية لمعالجة هذه المعايير المزدوجة معيب بطبيعته، لأن هذه المحاكم نفسها تتأثر بنفس القوى. ووفقًا لدابيد، فإن المحاكم الدولية، بدلاً من دعم العدالة، فإنها تعمل كأدوات لإدارة العنف الانتقائي. وأكد أن هذه المفارقة تكشف عن تواطؤ هذه المؤسسات في إدامة الظلم الذي تدعي مواجهته.
واستشهد دابيد بقضية الإبادة الجماعية الأخيرة التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية كمثال، مشيرًا إلى فشل المحكمة في المطالبة بوقف إطلاق النار كتدبير مؤقت، على الرغم من الاعتراف بأن ما يحدث في غزة يمكن أن يُعتبر إبادة جماعية.
وتحدث دابيد بمزيد من التفصيل عن هذا التطبيق الانتقائي من خلال الإشارة إلى أن محكمة العدل الدولية قد فرضت سابقًا وقف إطلاق النار من جانب واحد، كما رأينا في قضية روسيا وأوكرانيا، لكنها امتنعت عن القيام بذلك في القضايا المتعلقة بالدول غير الغربية، وخاصة تلك التي تنطوي على مجتمعات عربية أو أفريقية. وأكد أن تردد محكمة العدل الدولية في فرض وقف إطلاق النار في غزة يكشف عن تحيز متأصل، حيث تمتنع المحكمة عن الاعتراف الكامل بمحنة المجتمعات التي تعتبرهم “آخرون”. وتساءل دابد عن مصداقية محكمة العدل الدولية، بحجة أن قراراتها تعكس تحيزًا عنصريًا وجيوسياسيًا يهمش احتياجات الفلسطينيين وغيرهم في مواقف مماثلة، مؤكدًا أن هذا التطبيق الانتقائي للقانون الدولي يقوض في نهاية المطاف شرعية هذه المؤسسات.
وفي الختام، أكد دابد أن القانون الدولي قد تم الاستيلاء عليه للحد من تطلعات المجتمعات المضطهدة، والتحكم فيما يمكن أن تسعى إليه والكيفية التي يقاوموا بها. وانتقد دابيد كذلك كيف يتم تقييد الفلسطينيين بالقانون الإنساني الدولي مما يمنعهم من ممارسة حقهم في مقاومة القمع بشكل كامل. وزعم دابيد أن إحجام محكمة العدل الدولية عن تصنيف احتلال إسرائيل باعتباره عدوانًا هو مؤشر واضح على تحيزها. وأكد أن رفض الاعتراف بحق الفلسطينيين في المقاومة بموجب اتفاقيات جنيف، يعزز نظامًا يتم فيه تسليح القانون الدولي للسيطرة والاحتلال بدلاً من عمليات التحرير. وخلص إلى أن هذا التطبيق الانتقائي يديم رواية تحرم الفلسطينيين وغيرهم من الأدوات القانونية اللازمة لتقرير المصير الحقيقي.
الناشطة الأمريكية سارة فلاوندرز بدأت كلمتها بالتعبير عن دعمها القوي للنضال الفلسطيني والتأكيد على الحق في المقاومة بكل الأشكال، ووصفت أحداث السابع من أكتوبر 2023 بأنها عمل من أعمال الدفاع عن النفس ضد الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي. وانتقدت بنية القانون الدولي، بحجة أنه تم استخدامه تاريخيًا كأداة للاستعمار الغربي لإضفاء الشرعية على الخضوع بدلاً من حماية حقوق الإنسان. وأشارت فلاوندرز إلى أن القانون غالبًا ما يخفي القمع في الشرعية، مقارنة النظام القانوني الدولي الحالي بالأطر القانونية السابقة التي أقرت العبودية ذات يوم. وأكدت كذلك أن الغرض الحقيقي من هذا القانون، في رأيها، هو فرض السيطرة وليس تطبيق العدالة، وبالتالي السماح بالقمع المنهجي للناس تحت ستار الشرعية.
وأكدت فلوندرز أيضًا أنه في حين تحاول المحاكم الدولية معالجة الظلم، فإنها غالبًا ما تفعل ذلك ضمن إطار متحيز مصمم للحفاظ على الهيمنة الغربية. ووصفت هذا بأنه تناقض متأصل، حيث يدعي القانون الدولي في الوقت نفسه دعم العدالة، ولكنه يسهل مصالح أصحاب السلطة. وأشارت إلى أن السياسات الأمريكية تعزز هذه الديناميكية من خلال دعم دولة إسرائيل بالكامل كوكيل للنفوذ الأمريكي في غرب آسيا، بغض النظر عن تصرفات إسرائيل. ولاحظت أنه على الرغم من الدعوات إلى المساءلة، تواصل إسرائيل تلقي الدعم الأمريكي الثابت، مما يجعل أي دعوات لاتخاذ إجراءات قانونية غير فعالة. وأضافت فلوندرز أن هذه الديناميكية تكشف عن حدود الاعتماد على القانون الدولي وحده لإحداث تغيير فعال وحقيقي وذي مغزى.
وفي ختام مداخلتها، أكدت فلاوندرز أن التغيير الحقيقي لن يأتي من الأحكام القانونية، ولكن من المقاومة المستمرة من قبل الناس على الأرض. وانتقدت دعوة الأمم المتحدة لنتنياهو للتحدث في الجمعية العامة، واعتبرتها مثالاً صارخاً على تجاهل العدالة والمساءلة. ووفقاً لفلاوندرز، فإن الولايات المتحدة تستخدم المؤسسات الدولية فقط كما تراه مناسبًا، وتتجاهلها أو تتحايل عليها عندما لا تخدم مصالحها. وأعربت عن أملها في الدعم العالمي المتزايد للمقاومة الفلسطينية، مشيرة إلى أن الإعجاب بنضالهم يتزايد في جميع أنحاء العالم. وأكدت فلاوندرز أن العدالة والتغيير الحقيقيين لن يكونا مدفوعين بالحجج القانونية، ولكن بالأفعال الجماعية وصمود أولئك الذين يواجهون القمع.