عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مساء الخميس 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ندوة حول تزايد قمع النظام المصري للمعارضة وتضييقه المستمر على حرية التعبير وبحث السبل والحلول الممكنة لوقف هذه الانتهاكات، خاصة في ظل انعقاد قمة المناخ 27 التابعة للأمم المتحدة في مدينة شرم الشيخ.
أدار الندوة محمد إسماعيل ـ مدافع عن حقوق الإنسان ومنسق حركة مصريون في الخارج من أجل الديموقراطية، والذي أكد في كلمته على أن نضال المصريين في الخارج لن يتوقف حتى يُحاكم جميع المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان في مصر وعلى رأسهم عبد الفتاح السيسي.
في بداية كلمته أشار محمد إسماعيل إلى عدد من المجازر التي ارتكبها النظام المصري ضد المدنيين مثل رابعة العدوية، والتي كان شاهدا عليها بنفسه حيث استخدام النظام القوة المميتة مع المتظاهرين والمعتصمين.
وأضاف إسماعيل أن هذه المجازر يجب أن يُحاسب المتسببين فيها، لافتًا إلى أنه مع عدد من المنظمات الحقوقية تقدموا بشكوى قضائية أمام المدعي العام الوطني الفرنسي، والأمم المتحدة ضد الحكومة المصرية والفرنسية للتحقيق في جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها القوات المصرية والفرنسية على الحدود المصرية الليبية قبل ست سنوات ونتج عنها إعدام مدنيين خارج إطار القانون.
وشدد إسماعيل على أنه لا يجب أن يُمنح النظام المصري شرف تنظيم أهم مؤتمر عالمي في الوقت الحالي في إشارة إلى قمة المناخ 27 التي تستضيفها مصر وتنعقد في شرم الشيخ، مؤكدًا أن هذه الفعالية تُعد بمثابة موافقة من المجتمع الدولي على انتهاكات النظام المصري.
في كلمته قال جيم موران – العضو الديمقراطي السابق في مجلس النواب الأمريكي- في حين أن “قمة المناخ في حد ذاتها فكرة جيدة ستعود بالخير على البشرية، لكن استضافتها من قبل حكومة السيسي أمر مشين”.
وتابع السيد موران “للأسف قمة المناخ تعطي شرعية للجنرال السيسي، الذي لا يمكنني أن أصفه إلا بالجنرال بسبب استمراره التصرف بالعقلية العسكرية”، مشيرًا إلى أنه لا وجود لحرية التعبير والصحافة في مصر.
وأضاف “السيسي مدعوم من إسرائيل والولايات المتحدة رغم وجود آلاف المعارضين الذين يملؤون السجون المصرية”، وأشار “الولايات المتحدة أرسلت أموال المساعدات إلى مصر بعد إطلاق سراح 500 معارض، لكنني متأكد أن الزنازين سُرعان ما امتلأت بـ 500 آخرين بعد وصول المساعدات”.
وفي كلمتها قالت الحقوقية ورئيسة منظمة “مصريون في الخارج من أجل الديموقراطية” الدكتورة مها عزام إن “معالجة آثار تغير المناخ في حد ذاتها تطلب حرية رأي وتعبير، وهي أشياء لا توجد في مصر”.
وشبهت عزام الوضع في مصر بالمعتقل، إذ قالت “يعيش في مصر 100 مليون مواطن في سجن كبير”، مؤكدة أن “النظام المصري لا يضر شعبه فقط بالانتهاكات التي يرتكبها، بل يضر البشرية بأسرها”.
وتابعت “نطالب بحرية الرأي للجميع، نطالب بالإفراج الفوري عن 65 ألف معتقل سياسي داخل السجون المصرية تعرضوا لأبشع الانتهاكات على رأسها الحرمان من الحق في محاكمة عادلة”.
وحول التحديات التي تواجهها البيئة، قالت السيدة عزام ” نظرًا للتحدي الذي نواجهه اليوم، نحتاج إلى نشطاء ومنظمات غير حكومية، نحتاج إلى خبراء ومواطنين عاديين، لمحاسبة حكوماتهم على هذه الانتهاكات التي تضر بالبيئة… النظام المصري، مثله مثل غيره في جميع أنحاء العالم، ارتكب أخطاء جسيمة فيما يتعلق بالبيئة – ومع ذلك لا يمكن محاسبته في أي مجال من قبل أي جهة… إذا كتب مواطن عادي رأيه في مدونة او كتب صحفي مقالا للرأي يعارض توجهات النظام سيجد نفسه في السجن”.
وتابعت الدكتورة عزام: “في مواجهة هذا التهديد الكبير للإنسانية، نحتاج إلى أن يطمأن الصحفيون أنه يمكنهم التحدث علانية دون خوف، وهو بكل أسف أمر لا نعرفه في مصر”.
الكاتبة السياسية الأمريكية وعضو أمانة حزب العمال العالمي سارة فلاوندرز بدأت كلمتها بتوجيه تحية إلى أرواح قتلى مجزرة رابعة العدوية، وإلى معتقلي الرأي الذين تمتلئ بهم السجون المصرية، مؤكدة أن هؤلاء الأشخاص قدموا تضحيات كبيرة من أجل الحرية، ولا يجب أن ينساهم العالم الحر.
وذكرت فلاوندرز قضية الناشط المعتقل علاء عبد الفتاح قائلة إن “كل يوم يمر دون تغيير يضاعف الخطر على حياة علاء عبد الفتاح المضرب عن الطعام داخل السجون المصرية”.
وحول قمة المناخ، قالت فلاوندرز “في رأيي ما يحدث هو مسرحية هزلية هدفها تبييض جرائم الأنظمة… القادة يقدمون خطبًا رائعة، لكن بلا أي خطوات عملية، وفي الواقع لا توجد خطة لتقديم مساعدات مالية للبلدان النامية التي تقف على خط المواجهة في كوكب يزداد احترارًا”.
وتابعت “المعتقلون السياسيون في كل مكان كان يجب أن يُطلق سراحهم قبل أن تُعقد هذه القمة”، مضيفة ” يجب ألا نتوقف عن المطالبة بتحقيق العدالة من أجل إنقاذ الشعب المصري وخاصة المعتقلين السياسيين الذين يبلغ عددهم أكثر من ستين ألف شخصًا”.
وأكدت أن انعقاد هذه القمة في مصر رُغم كل الانتهاكات المُشار إليها هو تجاهل واضح من الجهات المعنية لسجل مصر المروع في مجال حقوق الإنسان وضد البيئة كذلك.
السياسي الأمريكي إياد عفالقة – عضو اللجنة التنفيذية للحزب الديموقراطي، بدأ كلمته قائلًا “بصفتي شخصًا ولد في ظل الاحتلال العسكري الإسرائيلي، فإنني أتعاطف مع جميع المعتقلين السياسيين -رجالًا ونساءً- في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مصر”.
وتابع “للأسف لا أجد دور إيجابي للإدارة الحالية في الولايات المتحدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان في المنطقة العربية… سافر بايدن مؤخرًا إلى السعودية لأجل شيء واحد فقط وهو النفط وتخفيض أسعار الوقود.. حتى قضية خاشقجي لم يناقشها بايدن مع السعودية إلا بصورة هامشية”.
وأضاف عفالقة “يجب وقف تسليح الأنظمة الديكتاتورية والاستبدادية.. وعلى الرئيس بايدن ربط المساعدات العسكرية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان”.
وأكد عفالقة “ما يحدث من جانبنا في الولايات المتحدة هو ازدواجية في المعايير… من جهة نمكن هؤلاء الطغاة من الفتك بشعوبهم، ومن جهة أخرى نطلب من الدول والحكومات المختلفة تبني سياساتنا الديموقراطية والالتزام بها”، وأردف “يجب على المجتمع الدولي وقف منح الأنظمة الاستبدادية والقمعية شيك على بياض”.
الناشطة الحقوقية دوروثي ريك- رئيسة حزب الديمقراطيين التقدميين في جبال سانتا مونيكا- التي شاركت في ختام الندوة بكلمة موجزة قالت “عملت على الملف المصري لفترة، لذلك إنه أمر مروع أن أرى مثل هذه القمة تُعقد في مصر، في نظري السماح لمصر بتنظيم هذا المؤتمر هو مباركة ضمنية من دول العالم لانتهاكات النظام الحالي في مصر”.
ولفتت دورثي إلى أزمة تسليح الولايات المتحدة الأنظمة الديكتاتورية، مشيرة أن جزء كبير من اقتصاد أمريكا يعتمد “للأسف” على هذه التجارة التي بطبيعة الحال تنتهك حقوق الإنسان، مؤكدة أن جماعتها ستواصل العمل ضد ذلك”.