نُقل أربعة أسرى فلسطينيين محررين إلى المستشفى فور وصولهم إلى مدينة رام الله، جراء التدهور الحاد في حالتهم الصحية بعد الإفراج عنهم ضمن الدفعة السادسة من صفقة التبادل الأخيرة.
ووفقاً لشهادات الأسرى المفرج عنهم؛ فقد تعرضوا خلال فترة احتجازهم لممارسات تعسفية شملت التجويع والضرب والتعذيب النفسي، مما أدى إلى فقدانهم كميات كبيرة من الوزن وتدهور قدراتهم الجسدية.
وتعكس هذه الشهادات واقع السجون الإسرائيلية التي تحوّلت إلى مراكز لانتهاكات ممنهجة، حيث يُحرم المعتقلون من أبسط حقوقهم الإنسانية.
وفي العديد من الحالات، ظهرت على الأسرى آثار واضحة للإهمال الطبي وسوء التغذية، في انتهاك صارخ للاتفاقيات الدولية التي تضمن حقوق الأسرى، بما في ذلك اتفاقية جنيف الثالثة التي تنص على وجوب معاملة الأسرى بكرامة وتوفير العناية الطبية اللازمة لهم.
إلى جانب الانتهاكات الجسدية؛ يتعرّض الأسرى الفلسطينيون المحررون لإجراءات عقابية أخرى، من بينها الإبعاد القسري. ففي الدفعة الأخيرة؛ أُجبر 24 أسيراً على مغادرة فلسطين، وهي ممارسة تنتهك القانون الدولي الذي يحظر الترحيل القسري كإجراء عقابي.
ورغم أن هذا الأسلوب ليس جديداً، إلا أن تصاعد وتيرته يثير قلقاً واسعاً في الأوساط الحقوقية، حيث يُحرم الأسرى من العودة إلى ديارهم، ما يضاعف من معاناتهم النفسية والاجتماعية.
ولم تقتصر معاناة الأسرى على الأوضاع داخل السجون، بل استمرت حتى لحظة الإفراج عنهم. وفي لحظات مؤثرة، عبّر عدد من المحررين عن مشاعرهم بوصف الحرية بأنها “عودة من الموت إلى الحياة”، في إشارة إلى الظروف القاسية التي عاشوها خلف القضبان.
أحد الأسرى الذين أمضوا أكثر من عقدين في السجون، وصف الأوضاع هناك بأنها “قبور للأحياء”، مؤكداً أن الأسرى لم يفقدوا الأمل في الحرية رغم التنكيل المستمر.
وتمثل صفقة التبادل الأخيرة جزءاً من المرحلة الأولى لاتفاق تبادل الأسرى، والتي تشمل الإفراج عن 1737 أسيراً على مدى ستة أسابيع. إلا أن ذلك لا يعني انتهاء معاناة الأسرى الفلسطينيين، حيث لا تزال السجون الإسرائيلية تضم آلاف المعتقلين، بينهم مرضى وكبار سن وأطفال يعيشون في ظروف غير إنسانية.
ومع استمرار الإفراج عن الأسرى، تتزايد الدعوات الحقوقية للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون، ومحاسبة المسؤولين عن سياسة الإهمال الطبي والتعذيب الممنهج، التي تشكّل خرقاً واضحاً لكل الأعراف والمواثيق الدولية.