تحت سمع وبصر المجتمع الدولي ارتكبت دولة الاحتلال الاسرائيلي جرائم حرب مركبة في مخيم جنين باستهداف المدنيين والمباني السكنية والمشافي ومنع سيارات الإسعاف والأطقم الطبية من إنقاذ الجرحى.
المفزع في هذه الجرائم أن دولة الاحتلال لم تأبه إلى حقيقة أن المخيم لا تزيد مساحته عن نصف كيلو متر مربع مكتظ بالسكان وان استخدام القوة النارية من الجو والبر يوقع خسائر فادحة في الأرواح وهذا إن دل على شيء فيدل أننا أمام حكومة يقودها أناس دمويين يستخدمون كل الذرائع لإيقاع أفدح الخسائر بالسكان المدنيين.
ورغم مشاهد الدمار والجثث في الأزقة والشوارع والجرحى الذين نزفوا حتى الموت وخروج النساء والأطفال إلى الشوارع هربا من القصف الاسرائيلي لم يحرك ضمير العالم، بل إن البيت الابيض بدون أي وازع من ضمير أو أخلاق دعم ارتكاب اسرائيل لكل هذه الجرائم.
الذين يتحدثون في الإعلام الغربي عن روايات لما جرى في مخيم جنين في محاولة لطمس الحقيقة أو تمييعها كلها لا معنى لها فما حدث في جنين ليس حدثا عابرا فبالأمس كانت نابلس والقدس والخليل وغيرها فحياة الفلسطينيين لا تساوي شيئا عند الاحتلال لذلك فالرواية الوحيدة الصادقة والواضحة أن هذا احتلال تحول إلى إحلال بهدف جعل حياة الناس مستحيلة لدفعهم على الرحيل كما حدث عام 1948م.
الفلسطينيون واعون تماما لما تهدف له منظومة الاحتلال فلذلك يقفون وحدهم بكل ما أوتوا من قوة في مواجهة هذه المخططات، فمشهد الأم التي تحمل حقيبتها وطفلها وتسير نحو الحدود هربا من هذا الإجرام لن يتكرر فالفلسطينيون كبارا وصغارًا ورجالًا ونساء متمسكون بأرضهم وأكثر تصميما اليوم على كنس هذا الاحتلال وتقرير مصيرهم وإقامة دولتهم.
لا ينبغي الاعتماد على الغرب في رفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني فقد سقط الغرب منذ زمن في الامتحان الأخلاقي والقانوني فهو من يدعم الاحتلال بكل الوسائل ولا يحصل الشعب الفلسطيني منه إلا على التعبير عن القلق والدعوة إلى ضبط النفس!
حتى الأمم المتحدة وأمينها العام الذي عكف على التعبير عن القلق بعد كل جريمة لم يستطع نائب المتحدث الرسمي باسمها فرحان حق التنديد بجرائم الاحتلال وقال في تصريح مخز ومذل: “لإسرائيل الحق في تنفيذ عمليات أمنية، لكن يجب أن تفعل ذلك دون التسبب في وقوع خسائر في صفوف المدنيين أو الإضرار بالبنى التحتية المدنية”.
جنين نفسه يتعرض للمرة الثانية إلى نكبة بعد نكبته الأولى التي حدثت منذ 21 عامًا ولم يحرك أحد في هذا العالم الظالم أي ساكن، الكل من أصحاب القرار القريب والبعيد منهم يدفنون رؤوسهم في الرمال والمطبعون الذين يصرون على تطبيعهم لا يعني لهم ما يجري في أي شيء.
النداء الوحيد الذي نوجهه في هذه اللحظات العصيبة إلى جموع الشعوب العربية والإسلامية والمجتمع الإنساني الدولي الى القيام بكل ما يلزم لدعم الشعب الفلسطيني في معركته المصيرية مع هذا الاحتلال الغاشم.