في مشهد متكرر من العنف المنظم؛ تستمر اعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وسط صمت دولي وتقصير واضح في محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
وفي هذا الإطار؛ قتل فلسطيني، الخميس، اختناقا بعد ساعات من اعتداء عنيف نفذته مجموعات من المستوطنين على بلدات فلسطينية في وسط الضفة الغربية المحتلة.
ووفق إفادات شهود عيان؛ فقد اقتحمت مجموعات من المستوطنين بلدات سلواد ورامون وأبو فلاح شرقي رام الله، وأضرمت النيران في عشرات المركبات، مستخدمة مواد شديدة الاشتعال، في وقت كان السكان فيه عاجزين عن إخماد النيران وسط غياب أي حماية.
وبحسب الناشط الفلسطيني عايد غفري؛ فإن ما لا يقل عن 16 مركبة فلسطينية أُحرقت بشكل كامل، وتعرضت ممتلكات المواطنين لأضرار جسيمة، في ظل قيام المستوطنين بخط شعارات عنصرية باللغة العبرية على جدران المنازل، فيما يبدو كرسائل ترهيب منظمة تمارس بحق السكان الأصليين.
وأظهرت مقاطع مصورة لحظات اقتحام المستوطنين للمناطق الفلسطينية، وهي مشاهد تكررت في الآونة الأخيرة، في ظل تصاعد الهجمات التي تنفذ غالبا تحت حماية جيش الاحتلال أو بعد تنسيقه، ما يعكس تواطؤا ممنهجا بين المؤسسة العسكرية والمجموعات الاستيطانية المتطرفة.
وعقب الهجوم؛ اقتحمت قوات الاحتلال تلك البلدات، واندلعت مواجهات عنيفة استخدم فيها الجنود الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع ضد السكان الفلسطينيين.
وأثناء ذلك؛ توفي الفلسطيني خميس عبد اللطيف عياد (45 عاماً) من بلدة سلواد اختناقاً، أثناء محاولته إخماد النيران المشتعلة في مركبات مواطنين جراء هجوم المستوطنين، وفق ما أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية. فيما ذكرت مصادر محلية لاحقاً أن وفاته نتجت عن استنشاق كميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته قوات الاحتلال خلال المواجهات.
وتأتي هذه الجريمة تأتي ضمن سلسلة متصاعدة من الهجمات التي تشنها مجموعات المستوطنين، والتي تُعد في القانون الدولي شكلاً من أشكال العنف المدعوم من الدولة. فالصمت على هذا النمط من الاعتداءات، وتجاهل التحقيقات والمساءلة، يسمح بتكرار الجرائم ضمن سياسة الإفلات من العقاب، ويحول حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى جحيم يومي تحت ظل الاحتلال العسكري والاستيطان الإحلالي.
يُذكر أن وتيرة اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية، لا سيما في المناطق الواقعة شرق رام الله، قد تصاعدت بشكل لافت خلال الأسابيع الماضية، وشملت بلدات كفر مالك وأبو فلاح وبيتن وبرقة، حيث أُحرقت مركبات وسُجلت اعتداءات جماعية ضد الأهالي وممتلكاتهم.
ووفق بيانات رسمية فلسطينية؛ قتل جيش الاحتلال والمستوطنون ما لا يقل عن 1011 فلسطينياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ أكتوبر 2023، وأصابوا نحو 7 آلاف، واعتقلوا أكثر من 18 ألفاً، في حملة منظمة من القمع والاضطهاد.
وفي الوقت ذاته؛ تواصل قوات الاحتلال ارتكاب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة منذ أكتوبر من العام الماضي، أودت بحياة أكثر من 206 آلاف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية والإنسانية، ووجود آلاف المفقودين ومئات الآلاف من النازحين، وجوع يفتك بالمدنيين المحاصرين.
وترسم هذه الجرائم، سواء في الضفة أو في غزة، صورة واحدة لمحتلٍّ يمارس القتل الجماعي والتطهير العرقي، دون رادع قانوني أو أخلاقي، في ظل تواطؤ دولي فاضح، وصمت الأمم التي تدّعي حماية القانون الدولي وحقوق الإنسان.