في موقف يعكس الطبيعة العنصرية والسياسات الاستئصالية لحكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة؛ دعا وزير المالية في حكومة نتنياهو، بتسلئيل سموتريتش، اليوم الثلاثاء، إلى شن تصعيد عسكري واسع على قطاع غزة عقب انتهاء الحرب الجارية مع إيران، فيما طالب وزير الاتصالات شلومو قرعي بتعزيز تهجير الفلسطينيين من القطاع.
وجاءت هذه التصريحات بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين الاحتلال وإيران، بعد أسابيع من التصعيد المتبادل الذي استُخدمت فيه صواريخ بالستية وهجمات دقيقة ضد مواقع حساسة لدى الطرفين، أسفر عن مقتل وجرح عدد من العسكريين والمدنيين.
ورغم إعلان وقف إطلاق النار في الجبهة الإيرانية، أكد الوزيران أن “المعركة الحقيقية” لم تنتهِ بعد، بل تنتقل الآن بكل قوة إلى قطاع غزة، في إشارة إلى نية استكمال العدوان الذي بدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأدى إلى مقتل وإصابة أكثر من 187 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وفقدان ما يزيد على 11 ألف شخص تحت الأنقاض، إضافة إلى نزوح مئات الآلاف وسط دمار شبه كامل للبنية التحتية المدنية.
وتكشف تصريحات الوزيرين عن نوايا مبيتة لتنفيذ مزيد من الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين الفلسطينيين، لا سيما أن التهجير القسري الذي يدعو إليه الوزير قرعي يمثل جريمة وفق القانون الدولي، ويشكّل خرقاً فادحاً لاتفاقيات جنيف التي تحظر النقل القسري للسكان تحت الاحتلال، كما تُعد الدعوة لتغيير ديمغرافي بالقوة شكلاً من أشكال التطهير العرقي.
من جهته، قال سموتريتش إن “المرحلة القادمة هي غزة”، مشيراً إلى ضرورة “القضاء الكامل على حماس وإعادة الرهائن”، في لغة تؤطر الفلسطينيين باعتبارهم أهدافاً مشروعة، وتختزل قطاعاً بأكمله، مليئاً بالمدنيين، إلى مجرد ساحة قتال يجب تسويتها.
أما قرعي، فذهب إلى ما هو أبعد، بإشادته بما سماه “التعاون التاريخي” مع الإدارة الأمريكية لحرمان إيران من امتلاك قدرات نووية، ثم تحوّله مباشرة للدعوة إلى “تعزيز برنامج الهجرة”، وهو المصطلح الذي يستخدمه بعض قادة الاحتلال للإشارة إلى خطة تهجير السكان الأصليين من القطاع قسراً نحو سيناء أو مناطق أخرى، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، ولحق الفلسطينيين غير القابل للتصرف في البقاء في أراضيهم.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يعيش فيه سكان غزة تحت حصار خانق، ويواجهون كارثة إنسانية غير مسبوقة، مع انهيار القطاع الصحي، وانعدام الأمن الغذائي والمياه، وتدمير أكثر من 70% من البنية السكنية، وسط غياب أي حماية دولية فعالة أو مساءلة للمسؤولين عن هذه الانتهاكات.
هذه المواقف، الصادرة عن وزراء في حكومة الاحتلال، لا تعبّر عن اجتهادات فردية بقدر ما تعكس سياسات دولة تقوم على التفوق العرقي وفرض وقائع القوة، وتُمعن في تحويل النزاع إلى مشروع استئصالي ضد الوجود الفلسطيني، في الوقت الذي يواصل فيه العالم الرسمي غضّ الطرف عن مذبحة تاريخية تتكشف على مرأى الجميع.