في صورة صارخة على تقييد حرية الرأي والتعبير؛ أقامت وزارة الأوقاف الأردنية ووزيرها بصفته الشخصية، دعاوى بحق عدد من النشطاء لانتقادهم بعض إجراءاتها.
وفي التفاصيل؛ أقام وزير الأوقاف الأردني الدكتور محمد الخلايلة ووزارته، دعاوى لدى مدعي عام عمان ووحدة “الجرائم الالكترونية” بحق كل من الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان الفاعوري، والناطق باسم حزب جبهة العمل الإسلامي ثابت عساف، والكاتب الصحفي وائل البتيري، الذين قامت وحدة الجرائم الالكترونية التابعة لمديرية البحث الجنائي باستجوابهم تمهيداً لتحويل ملفاتهم إلى المدعي العام.
وأوضح كل من الفاعوري وعساف أن الدعوى المقامة بحقهما جاءت على خلفية منشورين لهما في موقع فيسبوك، انتقدا فيهما خطبة الجمعة الموحدة التي قررتها الوزارة في 2 تموز/يوليو الماضي عن “طاعة ولي الأمر”، بينما قال البتيري إن شكوى الوزير كانت بسبب منشور انتقد فيه فرض الوزارة رقابة على الكتب والمطويات التي يتم إدخالها إلى المساجد، وحصر وتقييم الكتب الموجودة فيها وفي المصليات.
وقال الفاعوري في تصريحات إعلامية، إن رفع وزير الأوقاف دعاوى بحق منتقدي سياساته “إجراء يمثل نمطاً غير مألوف، ويتجاوز المرحلة التي يطرحها ملك البلاد، والتي تدعو إلى حوار سياسي وحرية الإصلاح وسقف عال للحرية”.
وأضاف الفاعوري: “نحن لم نتحدث بشيء يجرح شخص الوزير، ولا تهجمنا على الوزارة، وإنما انتقدنا بكل سلمية طرح الوزارة قضايا تجاوزها الزمن، والتي استفزت أعداداً كبيرة من المواطنين”.
وأعرب عن استغرابه من أن “وزارة الأوقاف بدلاً من أن تصوب خطباءها وتوجههم إلى ضرورة طرح المواضيع بطريقة إيجابية؛ بدأت تحاسب الناس الذين نصحوها ووجهوا لها النقد الإيجابي”، متابعاً: “ما آلمنا وجعلنا نشعر بالحزن هو هذا النمط العرفي والعقلية التي تحل المشاكل من خلال استخدام السلطة وليس من خلال الحوار والاعتراف بالأخطاء”.
وأشار إلى أن وزير الأوقاف الدكتور محمد الخلايلة اتهمنا في تصريحات تلفزيونية بأننا دواعش لأننا خالفناه الرأي، “وبالتالي أصبحت هذه الوصفة توجه لكل من ينتقد الحكومة أو الوزارة”.
وكان الخلايلة قد قال في عدة لقاءات إعلامية، إن عدداً من منتقدي خطبة “طاعة ولي الأمر” التي عمّمها على خطباء الجمعة مؤخرا، يحملون فكرا “داعشيا تكفيريا، حتى وإن نادى بعضهم بالوسطية”، ما أثار ردود فعل شعبية غاضبة.
ووفق المحامي علي العرموطي؛ فإن فقهاء القانون الجزائي يكادون يجمعون على أن النقد للشخصيات والمؤسسات العامة يدخل في دائرة الإباحة.
وقال العرموطي في تصريحات إعلامية، إن للقضاء الأردني سوابق وأحكام عديدة اعتبرت أن ما يصدر بحق الشخصية العامة من شتم وقدح وذم أمرا غير مجرم، لافتا إلى أن ذلك مستند إلى حرية التعبير والرأي التي يكفلها الدستور، وتصونها الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها الأردن.
وقال مركز حماية الصحفيين، نضال منصور، إن على الشخصيات العامة، وخاصة الوزراء والنواب ومن في حكمهم، أن يتحملوا النقد وحتى لو كان قاسيا، لأن غالبية النقد يوجه إلى الشخصية العامة بصفته الوظيفية، فلو أنه كان جالسا في بيته لما انتقده أحد.
وأضاف أن “ما استقر عليه العرف القضائي أن نقد للشخصية العامة تتسع دائرته، بل حتى مساحة حياته الخاصة تتقلص، وينظر في تأثير الحياة الخاصة على العمل العام”.
وتابع: “هناك سوابق قضائية والمحاكم دائماً تأخذ بمبدأ النقد، وتحاول أن تذهب إلى تكريس قواعد حق الإعلام ووسائل الإعلام في مراقبة الشخصيات العامة ومن بينهم الوزراء”.
وكان تقرير “مؤشر الديموقراطية” السنوي الصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية مطلع فبراير/ شباط الماضي، قد صنف الأردن كدولة استبدادية لعام 2020 “رغم إجرائه انتخابات برلمانية”.