توفي الدكتور الغزي حمدي النجار، متأثراً بجراحه التي أصيب بها في قصف جوي نفّذته طائرات الاحتلال على منزله في منطقة قيزان النجار جنوب مدينة خان يونس، والذي أسفر في حينه عن مقتل 9 من أطفاله، في واحدة من أكثر المجازر دمويةً ووحشيةً منذ بدء العدوان المستمر على قطاع غزة.
وأكد مصدر طبي في مستشفى خان يونس، أن النجار فارق الحياة متأثراً بإصابته الحرجة، بعد أيام من بقائه في حالة حرجة منذ القصف الذي وقع في 25 مايو/أيار الجاري.
وكان الهجوم قد طال منزله ليلاً، وأدى إلى احتراقه بالكامل، فيما وصلت جثامين أطفاله التسعة إلى المستشفى الذي تعمل فيه زوجته، طبيبة الأطفال، وسط صدمة إنسانية مروّعة هزّت الأوساط المجتمعية.
ونجا من المجزرة الطفل آدم، الابن الوحيد المتبقي للعائلة، وقد نُقل لتلقي العلاج إلى جانب والده قبل وفاته. ولم يكن في منزل عائلة النجار أي نشاط عسكري، ولا يشكّل وجوده أي تهديد أمني، ما يجعل القصف عدواناً مباشراً على مدنيين عزّل، بمن فيهم أطفال نائمون في أسرّتهم.
وتأتي هذه الجريمة ضمن سياق ممنهج من الاستهداف المتكرر للعائلات الفلسطينية في غزة، حيث لا تكاد تخلو يوميات القصف من فقدان عائلات بأكملها، وهو ما يعكس نمطاً منظماً من القتل الجماعي يستهدف الحياة المدنية بكل تفاصيلها، من المنازل إلى المدارس والمستشفيات، ويحوّل الأبرياء إلى ضحايا في حرب لم يختاروها.
ومنذ بداية حرب الإبادة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ارتكب الاحتلال سلسلة من المجازر التي أدت إلى مقتل وإصابة أكثر من 178 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، كثير منهم ما زالوا تحت الأنقاض أو لم يُعثر على أثر لهم، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية والخدماتية بفعل القصف المستمر والحصار الخانق.
إن ما يجري في قطاع غزة منذ أكثر من ثمانية أشهر لا يمكن تصنيفه إلا كحرب إبادة جماعية، تُمارس فيها الانتهاكات بأبشع صورها ضد المدنيين، عبر استهداف متعمد للمنازل ومراكز الإيواء والمرافق الطبية، بما يتعارض كلياً مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلى وجه الخصوص اتفاقيات جنيف التي تحظر الهجمات على المدنيين وتفرض حماية خاصة للأطفال.
وتمثل مجزرة عائلة النجار، التي انتهت بوفاة الأب بعد مقتل أطفاله التسعة، مثالاً حيّاً على حجم المأساة التي يعيشها السكان في غزة، حيث لم يعد هناك أي مأمن من القتل، لا في البيوت ولا في المستشفيات، في ظل سياسة عقاب جماعي ترمي إلى تدمير النسيج الاجتماعي الفلسطيني وسحق إرادة الصمود لدى من تبقّى من السكان.
إن الاستمرار في هذا النهج دون مساءلة، وبدعم عسكري وسياسي مفتوح، يكشف عن تواطؤ دولي يسمح بمواصلة هذه الجرائم، ويفرض على المجتمع الإنساني مسؤولية أخلاقية وقانونية عاجلة للتحرك من أجل وقف شلال الدم، وإنهاء الحرب التي تحولت إلى كارثة وجودية لشعب بأكمله.