في الوقت الذي تشهد فيه السجون المصرية تدهوراً حاداً في أوضاع الاحتجاز؛ تتواصل الوفيات بين السجناء السياسيين بوتيرة مقلقة، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، وغياب الحد الأدنى من الرعاية الصحية، وحرمان المعتقلين من حقوقهم الأساسية.
وفي هذا السياق؛ توفي السجين السياسي حمدي يسري هاشم (62 عاماً)، يوم 20 أبريل/نيسان 2025، داخل المركز الطبي التابع لسجن العاشر من رمضان، بعد معاناة طويلة مع تليف الرئة وأمراض الضغط والسكري، دون تلقي أي علاج فعّال، رغم مطالبات سابقة بتوفير الرعاية.
وتُعد وفاة هاشم الرابعة خلال شهر إبريل الجاري وحده بين السجناء السياسيين، في مؤشر على تصاعد الخطر داخل مقار الاحتجاز.
وكان حمدي قد اعتُقل في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وظل محتجزاً على ذمة القضية رقم 2215 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا، بتهم تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها”، وهي تهم متكررة تُستخدم بحق المعارضين دون قرائن حقيقية، وغالباً ما تقترن بممارسة سياسة “التدوير”، لإطالة فترة الحبس التعسفي دون محاكمة أو إدانة قضائية.
ويمثل الإهمال الطبي المتعمد شكلاً من أشكال المعاملة القاسية واللاإنسانية، ويخالف التزامات الدولة المصرية بموجب القانون الدولي، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يضمن للمحتجزين الحق في الحياة والرعاية الصحية والمعاملة الكريمة.
وتوفي أكثر من 50 سجيناً سياسياً خلال العام الماضي وحده، نتيجة الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز، في سجون تفتقر إلى التهوية والتغذية والرعاية الدوائية، ما يجعلها بيئة قاتلة لمن يعاني من أمراض مزمنة أو يحتاج إلى متابعة طبية دورية.
ورغم تواتر الوفيات، لا تعلن السلطات المصرية عن تحقيقات شفافة، ولا تحاسب أي مسؤول عن هذه الانتهاكات، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب، ويفتح الباب أمام استمرار هذا النمط القاتل.
إن وفاة حمدي يسري هاشم تمثل مأساة إنسانية جديدة في سجل السجون المصرية، وتفرض على المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان مسؤولية مضاعفة في الضغط من أجل فتح تحقيق دولي مستقل في أوضاع المعتقلين السياسيين، ووقف جرائم الإهمال والقتل البطيء داخل السجون.