توفي المعتقل الفلسطيني المحرر والمبعد معتصم طالب داود رداد (43 عامًا) من بلدة صيدا شمال طولكرم، في أحد المستشفيات المصرية، بعد صراع مرير مع مرض السرطان الذي أصيب به خلال سنوات اعتقاله في سجون الاحتلال، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وسوء المعاملة.
وامتدت معاناة رداد لعشرين عامًا داخل المعتقلات، حيث تعرض خلال اعتقاله عام 2006 لإصابات بالشظايا، ومن ثم لتدهور صحي متواصل بسبب غياب العناية الطبية الملائمة. وقد عانى من التهابات حادة في الأمعاء ونزيف داخلي مزمن، إضافة إلى أمراض متعددة شملت ارتفاع ضغط الدم، اضطرابات في القلب، ضيقًا في التنفس، وآلامًا مزمنة في المفاصل والظهر.
ولم تقتصر سياسة الإهمال الطبي التي انتهجتها إدارة سجون الاحتلال بحق رداد على عدم توفير العلاج، بل تضمنت أيضًا التنقل القسري بين السجون والعيادات في ظروف قاسية ومهينة زادت من تدهور حالته. وبدلًا من نقله إلى مراكز طبية متخصصة، ظل حبيس “عيادة سجن الرملة”، المعروفة برداءة الرعاية الصحية فيها، ما جعله عرضة للموت البطيء.
ورغم ما عاناه من أعراض خطيرة، لم يتم الإفراج عنه لأسباب صحية إلا في إطار صفقة وقف إطلاق النار التي جرت في قطاع غزة خلال شباط/فبراير الماضي، حيث تم إبعاده مباشرة إلى مصر لتلقي العلاج، لكن حالته كانت قد وصلت إلى مرحلة حرجة لم تُفلح معها أي تدخلات طبية، مما أدى إلى وفاته.
وقبل نحو عام، نقل أحد المفرج عنهم رسالة من رداد جاء فيها: “أشعر أنني القتيل القادم في سجون الاحتلال… الأمعاء تنزف، القلب غير منتظم، الضغط مرتفع، أختنق بلا مغيث… نحن نموت كل يوم”. وتعكس هذه الكلمات الواقع القاسي الذي يعيشه المرضى داخل معتقلات الاحتلال، حيث لا يتم الاكتفاء بحرمانهم من الحرية، بل يُتركون للموت في زنازين معزولة تفتقر لأدنى شروط الحياة.
إن ما تعرض له رداد لا يمكن اعتباره حالة فردية، بل هو نموذج صارخ لسياسة ممنهجة تمارسها سلطات الاحتلال، تستهدف إهمال المعتقلين المرضى وتركهم فريسة للوجع حتى الموت، في انتهاك واضح لكل الأعراف الإنسانية والمواثيق الدولية التي تضمن حق الأسير في العلاج والرعاية الصحية.