في واقعة تعكس تدهورا بالغا في أوضاع حقوق الإنسان داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية؛ توفي المعتقل المصري فريد محمد عبد اللطيف شلبي، المعروف باسم “الشيخ فريد حمده شلبي”، داخل أحد مقار الاحتجاز التابعة لقوات الأمن المركزي بمحافظة كفر الشيخ، بعد أسابيع من اعتقاله في ظروف غامضة واختفائه القسري.
واعتُقل الشيخ فريد، وهو من أبناء عزبة الإغربة في كفر الشيخ، بتاريخ 7 يوليو/تموز الجاري، دون إذن قضائي أو مذكرة توقيف، قبل أن يُفقد أثره كليًا، ولم يُعرف عن مصيره شيء حتى أبلغت الأجهزة الأمنية أسرته بوفاته، عبر اتصال مقتضب، دون تقديم أي تقرير طبي أو شرح رسمي لظروف الوفاة أو ملابساتها.
وقد جرى تسليم جثمان الفقيد في ساعة متأخرة من الليل، وسط رقابة أمنية مشددة، حيث فرضت قوات الأمن إجراءات صارمة على مراسم الدفن، التي نُفّذت بحضور خمس سيارات شرطة، وجرى خلالها تهديد أفراد الأسرة بعدم الإدلاء بأي تصريحات أو معلومات حول الواقعة، ما يعكس محاولة واضحة للتكتم على الجريمة وطمس حقيقتها.
وأفادت شهادات من الأهالي بأن الفقيد كان معروفًا بمواقفه السياسية المعارضة، وقد ظل مطاردًا لسنوات قبل أن يُلقى القبض عليه مؤخرًا، مما يثير الشكوك بشأن استهدافه على خلفية آرائه السياسية، في سياق أوسع من عمليات تصفية الخصوم والمعارضين داخل السجون المصرية.
وبحسب معطيات الواقعة؛ فإن الشيخ فريد تعرض عقب اعتقاله للاختفاء القسري، حيث لم يُعرض على أي جهة تحقيق، ولم يُكشف عن مكان احتجازه، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا للحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، ويشير إلى نمط ممنهج تمارسه الأجهزة الأمنية بهدف كسر إرادة المعتقلين وإخضاعهم خارج الأطر القانونية.
وتكشف وفاة الشيخ فريد تحت التعذيب استمرار ممارسات قمعية يُستخدم فيها التعذيب كأداة منهجية، وليس كحالات فردية أو تجاوزات. كما تعكس استمرار استخدام مقار أمنية غير خاضعة للرقابة القضائية كمراكز اعتقال واستجواب سرية، حيث يُحتجز المعتقلون في ظروف غير إنسانية، دون تواصل مع العالم الخارجي أو حماية قانونية.
إضافة إلى ذلك؛ يمثل منع إقامة جنازة علنية وفرض قيود مشددة على مراسم الدفن، انتهاكًا لكرامة المتوفى وأسرته، ويهدف إلى الحيلولة دون تحوّل الحدث إلى قضية رأي عام، أو أن يُصبح شاهداً على الانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون السياسيون في مصر. ما جرى هو محاولة ممنهجة لمسح آثار الجريمة قبل أن تتحول إلى قضية وطنية أو دولية.
وتمارس السلطات الأمنية، وتحديدًا جهاز الأمن الوطني، صلاحيات شبه مطلقة خارج رقابة القضاء، في ظل بيئة سياسية مغلقة تتقلص فيها مساحة الحريات، وتُقيد فيها وسائل الإعلام، وتُغلق فيها منظمات المجتمع المدني المستقلة.
وتعيد وفاة الشيخ فريد شلبي إلى الواجهة واقع السجون المصرية، الذي أصبح – في ظل ممارسات التعذيب، والإهمال الطبي، والحرمان من الحقوق الأساسية – أرضًا خصبة لانتهاك الكرامة الإنسانية. وما لم يكن هناك مساءلة حقيقية، ووقف فوري لتلك الممارسات؛ فإن المزيد من الضحايا سيلقون حتفهم في صمت، خلف جدران لا تصلها عدالة ولا ضوء.