توفي الطفل عبد القادر الفيومي، اليوم الجمعة، في المستشفى المعمداني بمدينة غزة، نتيجة لسوء التغذية الحاد الناتج عن المجاعة المتفاقمة في القطاع، لترتفع بذلك حصيلة القتلى جراء الجوع إلى 114، معظمهم من الأطفال.
ويعكس هذا الرقم المأساوي فشل المجتمع الدولي في توفير الحد الأدنى من الحماية للأطفال والمدنيين المحاصرين في القطاع، في وقت تتحول فيه المجاعة إلى أداة قتل ممنهجة، تُستخدم في إطار سياسة الحصار الكامل المفروضة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.
ويوميا؛ يستقبل القطاع الصحي في غزة، الذي يوشك على الانهيار، حالات جديدة من الأطفال المصابين بسوء تغذية بدرجات مختلفة.
وتشير التقديرات الطبية إلى أن نحو 900 ألف طفل في القطاع يعانون من الجوع، من بينهم أكثر من 70 ألفاً دخلوا مرحلة سوء التغذية الفعلي، مع تسجيل آلاف الحالات المصنفة على أنها “حادة” أو “حادة وخطيرة”.
وفي ظل هذا الوضع؛ تُعتبر وفاة الطفل الفيومي نتيجة مباشرة لسياسات التجويع والعقاب الجماعي التي تُمارس بحق السكان المدنيين في غزة، وهي سياسات تُشكّل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقيات جنيف، التي تحظر استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، وتفرض التزاماً على قوات الاحتلال بتأمين الإغاثة للسكان الواقعين تحت سلطتها الفعلية.
وتضاعف سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة خلال الأشهر الماضية، بحسب تقارير طبية، وهو ما يعكس عمق الكارثة الصحية، ويؤكد أن ما يجري لم يعد مجرد أزمة إنسانية، بل هو نمط متعمّد من الحرب الشاملة التي تستهدف مقوّمات الحياة، بما في ذلك الغذاء والماء والصحة.
وفي هذا السياق؛ فإن حرمان المدنيين من الغذاء والدواء والمساعدة الإنسانية، وتقييد إدخالها عمداً، يُصنَّف ضمن أركان جريمة الإبادة الجماعية بموجب اتفاقية 1948 الخاصة بمنع هذه الجريمة والمعاقبة عليها. ويشمل ذلك “إلحاق الأذى الجسدي أو العقلي بأعضاء جماعة ما”، و”فرض ظروف معيشية يقصد بها إهلاكهم كلياً أو جزئياً”.
إن استمرار سقوط الأطفال قتلى بسبب الجوع ليس نتيجة حتمية للحرب، بل انعكاس مباشر لسياسة منظمة تتعمّد تجويع السكان واستهدافهم بالبُنى التحتية والخدمات الأساسية، ما يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية وجريمة إبادة جماعية بحسب القانون الدولي.
ووسط هذا الانهيار الإنساني، تبقى مسؤولية حماية المدنيين، وخاصة الأطفال، التزاماً قانونياً وأخلاقياً لا يحتمل التأجيل، والمجتمع الدولي مدعو للتعامل مع ما يجري في غزة بوصفه جريمة كبرى تتطلب المساءلة، لا مجرد الإغاثة الطارئة.