توفي المعتقل الإماراتي علي عبدالله الخاجة، الأربعاء، عن عمر يناهز 59 عاماً، بعد أكثر من 13 عاماً قضاها خلف القضبان، تاركاً عائلته التي انتظرت عودته طويلاً دون أن تتحقق أمنيتها برؤيته حراً.
وجاءت وفاة الخاجة بعد أيام قليلة من رحيل والده، في مأساة تضيف صفحة جديدة إلى سجل الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في دولة الإمارات.
والخاجة رجل أعمال حاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة نظم المعلومات، تعرض قبل اعتقاله عام 2012 لمضايقات أمنية بسبب نشاطه الاجتماعي وانتمائه لجمعية الإصلاح، ليصبح أحد أبرز وجوه ما عرف إعلامياً بـ”الإمارات 94″ وهي مجموعة من الناشطين الذين وجهت لهم اتهامات تتعلق بالانتماء إلى تنظيم غير مشروع لمجرد مطالبتهم بالإصلاح السياسي.
وفي يوليو 2013، حكمت المحكمة الاتحادية العليا في أبوظبي على الخاجة و55 آخرين بالسجن لعشر سنوات، إضافة إلى ثلاث سنوات مراقبة بعد انتهاء المحكومية، وسط اتهامات غامضة وافتقار كامل لضمانات المحاكمة العادلة.
ورغم انتهاء محكوميته في أغسطس 2022، واصلت السلطات الإماراتية احتجازه تحت ذرائع واهية تتعلق بالأمن الوطني، وتم إيداعه بما يسمى “مركز المناصحة” بسجن الرزين دون تمكينه من الطعن أو محاكمة عادلة، وهو ما يعكس حالة الإخفاء القسري والمعاملة المهينة التي تعرض لها على مدار سنوات سجنه الطويلة. كما حُرم الخاجة من مقابلة محاميه أو زيارة أسرته، في خرق واضح للحد الأدنى من الحقوق القانونية والإنسانية.
وفي ديسمبر 2023، أحيل الخاجة و83 إماراتياً آخرين إلى محكمة أمن الدولة في أبوظبي بتهم تتعلق بتأسيس ودعم تنظيم إرهابي، وهي تهم واهية تحمل تهديداً بالسجن الطويل وربما عقوبة الإعدام، ما يعكس استمرار التجاوزات القانونية ضد المجتمع المدني.
وفي يوليو الماضي، قضت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية بإدانة 53 شخصاً، من بينهم الخاجة، بتهم مرتبطة بالإرهاب، وسط عقوبات صارمة تتراوح بين السجن المؤبد والغرامات المالية الباهظة.
ويمثل رحيل علي الخاجة مؤشرا على حالة من الانتهاكات المستمرة التي تعانيها أصوات المجتمع المدني في الإمارات، والملاحقة القانونية والسياسية التي تصل إلى حد الحرمان المطلق من الحرية الأساسية، والإخفاء القسري والمعاملة القاسية. وتثير ظروف وفاته الغامضة ضرورة فتح تحقيق مستقل وشفاف لتحديد المسؤوليات ومعرفة أسباب الوفاة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات.
وتضع وفاة الخاجة المجتمع الدولي أمام سؤال حاسم: كيف يمكن تحقيق العدالة للمعتقلين الذين يموتون بعيداً عن أسرهم، وفي ظروف لا تكشف حقائقها السلطات، بعد أن قضوا سنوات طويلة في معاناة مستمرة؟





























