في فصل جديد من فصول الإبادة الجماعية بحق المدنيين في قطاع غزة، ارتكب الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم الجمعة مجزرة مروعة في بلدة بيت لاهيا ومخيم جباليا شمال القطاع.
وأسفرت الغارات عن مقتل 30 مواطناً على الأقل وإصابة العشرات بجروح متفاوتة، في حين لا يزال عدد كبير من المفقودين تحت أنقاض المنازل التي دُمّرت فوق رؤوس ساكنيها.
واستهدفت طائرات الاحتلال أكثر من عشرة منازل مأهولة بالسكان في مناطق مكتظة، ما أسفر عن دمار هائل وسقوط جماعي للضحايا، في مشهد يتكرر بشكل شبه يومي وسط صمت دولي مطبق.
وفي حي السلاطين غرب بيت لاهيا، استهدف الاحتلال منزلاً آخر، ما أدى إلى مقتل مواطن وإصابة 13 آخرين، في ظل صعوبات شديدة في وصول طواقم الإسعاف إلى المواقع المنكوبة، بسبب تدمير الطرق واستمرار القصف.
وتأتي هذه المجازر بعد يوم دامٍ قُتل فيه 136 مواطناً في مناطق مختلفة من القطاع. وتوزعت الحصيلة بين 83 قتيلاً في الجنوب، 5 في المنطقة الوسطى، 11 في مدينة غزة، و37 في الشمال، ما يعكس حجم الكارثة التي تتفاقم دون توقف.
ومنذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، يرتكب الاحتلال، بدعم أمريكي مطلق، إبادة جماعية موثقة المعالم في قطاع غزة، خلفت حتى الآن نحو 173 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى ما يزيد عن 11 ألف مفقود.
ولا تقتصر المأساة على الأرقام، بل تمتد لتشمل دماراً شاملاً في البنية التحتية، انهياراً كاملاً للقطاع الصحي، ومجاعة متصاعدة بفعل الحصار ومنع دخول المساعدات، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزاً عن وقف هذه الجريمة المستمرة.
ويعكس الاستهداف المتكرر للمنازل الآهلة، خاصة في ساعات الليل، سياسة ممنهجة تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها، حيث إن نمط القصف، وغياب التحذير، وتكرار قتل عائلات كاملة داخل منازلها، كلها مؤشرات واضحة على وجود نية لتدمير جماعي، وهي صفة مركزية لجريمة الإبادة الجماعية.
ورغم وضوح هذه المعطيات القانونية؛ يواصل الاحتلال جرائمه تحت غطاء سياسي وعسكري من دول كبرى، في مقدمتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، التي توفر له الحماية والتمويل وتمنع محاسبته.
ومع كل يوم يمر، تتراكم الأدلة، وتتكشف فصول جديدة من الجريمة، لكن يد القاتل لا تزال طليقة، والعدالة ما تزال مؤجلة.