قُتل 13 شخصا، مساء الثلاثاء، جراء غارة نفذها طيران الاحتلال على مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا جنوبي لبنان، في هجوم أعاد تسليط الضوء على هشاشة الوضع الإنساني داخل المخيمات، وعلى المخاطر المتكررة التي تهدد المدنيين في المناطق المكتظة.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارة أدت إلى مقتل 13 شخصا وإصابة عدد غير محدد من الجرحى، بينما تواصلت عمليات نقل المصابين إلى المستشفيات وسط ازدحام شديد ونداءات للتبرع بالدم، في مؤشر على حجم الضرر البشري الذي خلفه القصف.
ووفق وكالة الأنباء اللبنانية، فقد استهدفت الغارة مركزاً تابعاً لجامع خالد بن الوليد داخل المخيم بثلاثة صواريخ، ما تسبب في انهيار أجزاء من المبنى وسقوط العشرات بين قتيل وجريح، بينهم نساء وأطفال.
ويُعد مخيم عين الحلوة من أكثر المناطق السكنية اكتظاظا في لبنان، حيث يعيش عشرات الآلاف ضمن مساحة ضيقة، ما يجعل أي ضربة جوية تحمل مخاطر مضاعفة على المدنيين.
وتشير مشاهد الدمار الأولية إلى استخدام قوة نارية كبيرة داخل منطقة تُعرف بكثافة أبنيتها السكنية وقربها من مرافق مدنية حساسة، وهو ما يثير مخاوف جدية بشأن مبدأ التناسب الذي يفرض تجنب الهجمات التي يتوقع أن تُحدث خسائر مفرطة مقارنة بالهدف العسكري المزعوم.
ويأتي القصف على مخيم عين الحلوة ضمن سلسلة من الخروقات اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024. ورغم أن الاتفاق كان يهدف إلى إنهاء العدوان الواسع الذي بدأ في أكتوبر 2023 وتحوّل لاحقا إلى حرب شاملة في سبتمبر 2024، فإن العمليات الجوية والقصف المدفعي لم تتوقف، ما أدى إلى استمرار سقوط القتلى والجرحى.
كما يشير استمرار الاحتلال في السيطرة على خمس تلال لبنانية في الجنوب – إضافة إلى مناطق تحتلها قواته منذ عقود – إلى بيئة أمنية مضطربة تُبقي المدنيين في دائرة الخطر، في ظل غياب آليات فعالة لضمان احترام اتفاق وقف القتال.
ويعيد الهجوم الجديد إلى الأذهان الغارة التي نفذها الاحتلال في أكتوبر/تشرين الأول 2024 على عين الحلوة، وأدت آنذاك إلى مقتل 6 أشخاص نصفهم من الأطفال، في أول استهداف مباشر للمخيم منذ بدء المواجهات على الحدود الجنوبية.
ويعزز تكرار الضربات مخاوف من تحول المخيمات الفلسطينية إلى مناطق مستباحة، تُنفّذ فيها عمليات عسكرية دون مراعاة كافية لسلامة المدنيين أو طبيعة الكثافة السكانية، ما يجعلها مرشحة لوقوع مجازر جديدة في أي لحظة.
ومع استمرار الغارات وتدهور الأوضاع المعيشية أصلا داخل المخيم، يواجه السكان تحديات متزايدة في الوصول إلى الخدمات الطبية والإغاثية، خاصة أن المستشفيات في صيدا تعمل منذ أشهر تحت ضغط كبير نتيجة العدد المتزايد للجرحى.
ويحذر عاملون محليون من أن أي تصعيد إضافي قد يفاقم أزمة إنسانية قائمة أصلاً، ويضع عشرات الآلاف من المدنيين أمام مخاطر مباشرة، في خضم غياب حماية فعالة أو التزام واضح بقواعد القانون الدولي الإنساني.
ويمثل القصف حلقة جديدة في نمط من الضربات التي تثير قلقاً عميقاً بشأن حماية المدنيين واحترام الاتفاقات القائمة، وسط مشهد يبدو فيه أن المخيمات الفلسطينية تدفع مجدداً الثمن الأكبر.



























