شهد المسجد الأقصى صباح الأربعاء، اقتحاماً واسعاً نفذه نحو 1300 مستوطن تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، في إطار ما يُعرف باحتفالات “عيد العُرش” اليهودي الذي يستمر أسبوعاً.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن المقتحمين دخلوا باحات المسجد على شكل مجموعات متتالية، وسط انتشار مكثف لعناصر شرطة الاحتلال داخل الحرم وخارجه، في وقت منعت فيه سلطات الاحتلال المصلين الفلسطينيين من الوصول إلى المسجد، وضيّقت على من تمكنوا من دخوله.
ويتوقع أن تتواصل الاقتحامات خلال الأيام المقبلة، إذ دعت جماعات استيطانية إلى تكثيف الوجود في الأقصى، فيما ظهر وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير في مقاطع مصوّرة داخل ساحة البراق، وهو يشارك في طقوس دينية مع مستوطنين متطرفين، ويدعو لما وصفه بـ”النصر في الحرب وتدمير حماس”.
ومنذ تولي بن غفير منصبه أواخر عام 2022، نفّذ اقتحامات متكرر للمسجد الأقصى، في إطار سياسة ممنهجة لتكريس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد، ما يُعد انتهاكاً صارخاً للوضع القانوني والتاريخي القائم في الحرم الشريف الذي تعترف به المواثيق الدولية باعتباره مكاناً خالصاً للمسلمين.
وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الحرب العدوانية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، والتي أسفرت حتى اليوم عن مقتل أكثر من 67 ألف فلسطيني وإصابة نحو 170 ألفاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، في واحدة من أكثر الحملات العسكرية دموية في التاريخ الحديث.
وتمثل هذه الاقتحامات المتكررة للأقصى انتهاكاً فاضحاً لحرية العبادة، وخرقاً لاتفاقيات جنيف الرابعة التي تُلزم قوة الاحتلال باحترام الأماكن الدينية في الأراضي المحتلة، كما تُعدّ جزءاً من سياسة التمييز الديني التي ترسخها سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني في القدس.
وينذر استمرار الاعتداءات على الأقصى بتصعيد خطير، إذ يُقابل بسياسة ممنهجة لتقييد الوجود الفلسطيني في المدينة المقدسة، وفرض واقع استيطاني يهدف إلى طمس الهوية العربية والإسلامية للقدس وتحويلها إلى مدينة خاضعة بالكامل للسيطرة الإسرائيلية.
وفي ظل الغياب المستمر لموقف دولي حازم؛ تتواصل انتهاكات الاحتلال في القدس دون رادع فعلي، ما يعكس فشل المنظومة الدولية في تطبيق مبادئ العدالة والمساءلة المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني، ويُسهم عملياً في تشجيع الاحتلال على المضيّ قدماً بسياسات التهويد وطمس الهوية الدينية والتاريخية للمدينة المقدسة.