تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة تصعيدًا غير مسبوق في حملات الاعتقال التي تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ بداية حرب الإبادة والتهجير في أكتوبر 2023، حيث سُجل أكثر من 16,400 حالة اعتقال في الضفة الغربية، منها نحو 800 حالة في شهر مارس 2025، بما في ذلك اعتقال 84 طفلًا و18 امرأة.
وتزامنًا مع تصعيد حملات الاعتقال؛ تم توثيق العديد من الانتهاكات داخل السجون والمراكز العسكرية التي تحتجز الأسرى الفلسطينيين، حيث توفي خلال شهر مارس ثلاثة أسرى، منهم الطفل وليد أحمد البالغ من العمر 17 عامًا، الذي لقي حتفه في سجن “مجدو” نتيجة لجريمة مركبة تشمل الاعتقال في ظروف صحية قاسية، بما في ذلك إصابته بمرض الجرب. وهو ليس الحادث الأول، حيث تشهد السجون انتشارًا واسعًا للمرض الذي بات يشكل تهديدًا صحيًا حادًا للأسرى.
وواصلت حكومة الاحتلال الإسرائيلي نهجها في تصعيد العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين، حيث تبنى الجيش سياسة الاعتقالات الجماعية، وهو ما يستهدف تحطيم أي مقاومة شعبية مستمرة.
كما تتواصل حملات الاعتقال الإداري بشكل ملحوظ، حيث بلغ عدد المعتقلين الإداريين 3,498 أسيرًا، بينهم أكثر من 100 طفل. وتأتي الاعتقالات في وقت تعاني فيه السجون من الاكتظاظ وتدهور الوضع الصحي بشكل خطير.
وتزداد الأوضاع المعيشية داخل السجون الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي تدهورًا، حيث أُجبر العديد من الأسرى على قضاء حاجاتهم في أوعية غير صالحة، فضلاً عن تعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي. فيما يقاسي العديد من المعتقلين أمراضا مزمنة أو يعانون من جروح خطيرة نتيجة للضرب المبرح خلال عمليات الاعتقال، مما يفاقم معاناتهم.
وبلغ الاستنزاف النفسي والجسدي للأسرى ذروته مع استمرار سياسة العزل الانفرادي التي تستخدمها سلطات الاحتلال في محاولة لتقويض معنويات الأسرى، وخاصة قيادات الحركة الأسيرة.
وفي سجون للاحتلال، مثل “مجدو” و”ريمون”، يتم عزل العديد من الأسرى تحت ظروف قاسية، مما يؤدي إلى تفاقم الأزمات الصحية والنفسية.
من جهتها؛ تسعى سلطات الاحتلال إلى فرض حصار إعلامي كامل على الوضع داخل السجون، حيث تم تقييد زيارات المحامين والطواقم القانونية، مما يفاقم العزلة القانونية للأسرى ويزيد من معاناتهم.
والجدير بالذكر أن الاعتقالات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة تتم في إطار سياسة منهجية تهدف إلى ترسيخ الانتهاكات المستمرة ضد الحقوق الأساسية للفلسطينيين، بما في ذلك الحق في حرية الحركة، وحقوقهم الصحية، وحقوقهم في محاكمة عادلة.
وفي ظل هذه الانتهاكات المستمرة؛ تزداد الحاجة إلى تحرك دولي عاجل لمحاسبة الاحتلال على جرائمه ضد الأسرى الفلسطينيين، وممارسة الضغوط السياسية على الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات وتوفير الحد الأدنى من الحقوق الإنسانية للأسرى.
إن الحقوق الأساسية للأسرى الفلسطينيين، بما في ذلك الحق في محاكمة عادلة والحق في الرعاية الصحية، يجب أن تكون محط اهتمام المجتمع الدولي، مع التأكيد على ضرورة احترام قواعد القانون الدولي واتفاقيات جنيف.