في ظل تصاعد التحديات التي يواجهها الصحافيون في مصر، ووسط مطالب حقوقية متزايدة بضرورة احترام حرية التعبير وحماية الحق في الوصول إلى المعلومات؛ أصدرت نقابة الصحافيين المصريين بيانا يدعو السلطات إلى وقف الاعتقالات والتضييق على الصحافيين، مطالبة بالإفراج عن 23 صحافيا.
وتماشياً مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، التي تؤكد على ضرورة صون حرية الصحافة وضمان بيئة آمنة ومستقلة للإعلاميين؛ طالبت نقابة الصحافيين بالإفراج عن 23 صحافيًا معتقلاً، معبرة عن قلقها الشديد إزاء تصاعد الممارسات القمعية التي تقيّد حرية الإعلام.
وتحدثت النقابة عن الانتهاكات المتزايدة التي تستهدف العاملين في هذا المجال، مطالبة بوقف هذه الممارسات واحترام حقوق الصحافيين في أداء عملهم ضمن مناخ ديمقراطي يتيح حرية التعبير، ويوفر للمجتمع مصادر موثوقة للمعلومات.
وأشارت النقابة إلى قضية الصحافي أحمد بيومي، الذي وُضع في الحبس الاحتياطي منذ اعتقاله في سبتمبر الماضي، حيث تعرض لاختفاء قسري استمر 47 يومًا، قبل أن يظهر في مقر نيابة أمن الدولة العليا، التي جددت حبسه دون تقديم تهم واضحة أو ضمانات قانونية كافية.
وتعد قضية بيومي نموذجًا للممارسات التي تثير القلق بشأن استخدام الحبس الاحتياطي كأداة لإسكات الأصوات المعارضة، حيث لا يزال محروماً من حقه الأساسي في الدفاع عن نفسه.
وطالبت النقابة السلطات برفع الحجب عن المواقع الصحافية المحجوبة دون أسباب واضحة، مثل موقع “القاهرة 24″، مؤكدة أن هذا الإجراء يقيّد حرية الصحافة ويعرقل وصول المواطنين إلى مصادر متنوعة للمعلومات.
وفي الوقت ذاته؛ شددت على ضرورة توفير الحماية للصحافية رشا عزب، التي تعرضت لملاحقات وانتهاكات متكررة، مما يشكل تهديداً لأمنها الشخصي وحقها في التعبير بحرية.
وكانت النقابة قد تلقت شكوى من عزب بوقائع تعرضها للتهديد والملاحقة، التي بدأت قبل فترة طويلة من سرقة سيارتها.
وكررت لجنة الحريات في النقابة نفس المطالب، التي تقدم بها نقيب الصحافيين في بلاغه للنائب العام، ووزير الداخلية بحماية رشا عزب، وفتح تحقيق جاد في ملابسات ما تتعرض له من انتهاكات متلاحقة ومحاسبة المسؤولين عنها.
من جهة أخرى؛ أصدرت محكمة جنايات الإرهاب المصرية المنعقدة بمجمع محاكم بدر، أمس الأحد، حكما بالسجن المؤبد “غيابياً” على الصحافي ياسر أبو العلا في القضية التي حملت الرقم 339 لسنة 2022 حصر تحقيق أمن دولة عليا، والمتهم فيها بـ”الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار وبيانات كاذبة”، وهي تهم يستخدمها النظام المصري للتنكيل بمنتقديه.
وكانت قوات الأمن قد اعتقلت ياسر أبو العلا من مسكنه يوم 10 مارس/آذار الماضي، فيما كان ينتظر محاكمته على ذمة قضية سابقة منذ عام 2015، وتعرّض للإخفاء منذ القبض عليه.
وتحدّث أبو العلا سابقاً مؤكداً احتجازه داخل أحد مقرات الأمن الوطني لمدة تجاوزت الـ50 يوماً، تعرّض خلالها لأنواع من الإكراه والتعذيب البدني والنفسي. فيما طالبت هيئة الدفاع عنه بتوقيع الكشف الطبي عليه لبيان ما به من آثار تعذيب ما زالت على جسده، وهو ما لم يتم حتى الآن.
ووصفت النقابة الحكم بأنه مثال واضح على عدم احترام الإجراءات القانونية السليمة، معتبرة أن غياب أبو العلا عن جلسات المحاكمة، وعدم تمكنه من الدفاع عن نفسه يعد انتهاكًا صارخًا لحقه في محاكمة عادلة، وهو حق مكفول بموجب المواثيق الدولية.
وتعتبر حماية الصحفيين من أهم حقوق الإنسان التي كفلتها القوانين الدولية، إذ تؤكد المواثيق الدولية على ضرورة ضمان حرية الصحافة وسلامة الصحفيين باعتبارهم ناقلين للمعلومات وصوتًا للرأي العام. فوفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يُعد الحق في حرية التعبير والوصول إلى المعلومات أساساً لا غنى عنه لتعزيز الشفافية وتحقيق العدالة الاجتماعية.