كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قتلت 45 طفلاً خلال اليومين الماضيين في قطاع غزة، في تصعيد دموي جديد ضمن مسلسل الجرائم المستمرة بحق المدنيين، وعلى وجه الخصوص الفئات الأكثر ضعفاً، وفي مقدمتها الأطفال.
وأكدت “يونيسف” أن هذا الرقم الصادم يمثل “تذكيراً آخر مدمراً بأن الأطفال في غزة يعانون أولاً وقبل كل شيء، مضطرين للجوع يوماً بعد يوم، ليكونوا ضحايا لهجمات عشوائية”، مضيفة أن ما يجري هو مأساة إنسانية تتطلب وقفاً فورياً للقتل والمعاناة اليومية.
ولا تأتي هذه الأرقام في فراغ، بل تندرج ضمن سياق إبادة جماعية ممنهجة يواصل الاحتلال تنفيذها منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حيث قُتل وأُصيب أكثر من 173 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، في ظل حصار خانق وانهيار كامل للمنظومة الصحية.
وفي السياق ذاته؛ قالت منظمة الصحة العالمية إن العدوان المتواصل لا يستهدف فقط المدنيين، بل يمتد ليشمل المنشآت الطبية، موضحة أن مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس خرج عن الخدمة بفعل الهجمات، ما أدى إلى قطع خدمات حيوية تشمل جراحة الأعصاب، والرعاية القلبية، وعلاج السرطان، وهي خدمات نادرة في القطاع ولا تتوفر بدائل لها.
وأشارت المنظمة إلى أن المستشفى كان مركزاً رئيسياً للإجلاء الطبي، وأن توقفه يُفاقم الضغط على ما تبقى من النظام الصحي الذي يعيش في حالة انهيار منذ شهور، في ظل نقص حاد في المعدات والكوادر والدواء، واستهداف متكرر للمراكز الصحية وسيارات الإسعاف.
ولا يمكن اعتبار ما يجري على الأرض في غزة مجرد “أضرار جانبية” أو نتائج عرضية للنزاع، بل هو تعبير واضح عن حرب إبادة جماعية ممنهجة تستهدف المدنيين، وتحديداً الأطفال، باعتبارهم الحلقة الأضعف في المجتمع الفلسطيني.
وتحت مظلة الإفلات من العقاب والدعم السياسي والعسكري من بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا؛ يواصل الاحتلال تنفيذ جرائم ضد الإنسانية، وانتهاك اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك المادة 6 من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، التي تجرّم القتل العمد لجماعة قومية بهدف تدميرها كلياً أو جزئياً.
إن استهداف الأطفال بهذا الشكل المكثف لا يحمل فقط بُعداً إنسانياً فادحاً، بل يعكس محاولة منهجية لإبادة جيلٍ كامل، وتدمير مستقبل جماعي لشعب محاصر، يُقتل أطفاله، ويُهدم نظامه الصحي، وتُمنع عنه مقومات الحياة الأساسية.
وفي ظل هذه الحقائق؛ تزداد الحاجة إلى تحرك دولي فعلي وعاجل، يتجاوز الإدانات الشكلية، ويعمل على وقف المجازر بحق المدنيين، ومحاسبة مرتكبيها، وتوفير حماية دولية عاجلة لسكان قطاع غزة، وفي مقدمتهم الأطفال الذين يُستهدفون مرتين: بالجوع، وبالقتل.