تتجه السلطات المصرية إلى فتح فصل جديد من المحاكمات ذات الطابع السياسي، إذ حددت محكمة استئناف القاهرة يوم 22 سبتمبر/أيلول المقبل لبدء أولى جلسات محاكمة نحو 50 معتقلاً، بينهم نشطاء وحقوقيون وخمسة من عائلة الإعلامي المعارض هشام عبدالله، وذلك في القضية رقم 1018 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
وتضم القضية التي يواجه فيها المتهمون اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها، شخصيات بارزة مثل المحامي الحقوقي إبراهيم متولي، ومحمد القصاص نائب رئيس حزب “مصر القوية”، بعد أن تمت إعادة تدويرهما على ذمة هذه القضية عقب فترات اعتقال سابقة.
وقد أسندت المحكمة نظر القضية إلى الدائرة الأولى إرهاب، على أن تعقد الجلسات داخل مركز الإصلاح والتأهيل في بدر، بعيدًا عن ساحات القضاء العلنية، ما يثير تساؤلات حول العدالة والشفافية.
وتعود جذور القضية إلى ديسمبر/ كانون الأول 2020، حين أصدرت نيابة أمن الدولة قرارًا بحبس أحمد عبد الدايم عبد الله (34 عامًا – سائق ليموزين)، وهو ابن شقيق الإعلامي هشام عبد الله، وابن المعتقل عبد الدايم عبد الله المحبوس منذ أكثر من عامين ونصف على ذمة قضايا مشابهة.
ومنذ ذلك الحين؛ توسعت السلطات في ضم متهمين جدد، بينهم صحافيون ونشطاء وأقارب لمعارضين في الخارج، في إطار ما يعرف بظاهرة “التدوير”، أي إعادة حبس المعتقلين في قضايا جديدة فور انتهاء مدد حبسهم السابقة.
وتأتي هذه القضية في سياق بيئة حقوقية متدهورة تتسم بالاعتقال التعسفي، وتوسيع دائرة الاستهداف لتشمل حتى أسر المعارضين، ضمن سياسة انتقامية تسعى إلى إسكات أي صوت معارض داخل البلاد وخارجها.
إن استمرار هذه المحاكمات، واعتمادها على اتهامات فضفاضة، يعكس نمطًا من الانتهاكات الممنهجة التي لا تستهدف الأفراد فحسب، بل تسعى إلى تدمير المجال العام بأكمله.
ويُذكر أن وفاة عدد من المعتقلين في السجون المصرية خلال السنوات الأخيرة، نتيجة الإهمال الطبي وسوء ظروف الاحتجاز، جاءت لتؤكد خطورة الانتهاكات التي يتعرض لها المحتجزون، وهو ما يجعل كل عملية اعتقال جديدة بمثابة تهديد مباشر للحياة، ويضع السلطات المصرية أمام مسؤولية واضحة عن هذه الانتهاكات المستمرة.