عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، الخميس 24 يونيو/حزيران 2021، ندوة بعنوان “أوقفوا الإعدامات في مصر” بحضور برلمانيين ونشطاء ومدافعين عن حقوق الإنسان لمناقشة القرار الجائر الصادر عن القضاء بإعدام 12 معتقلاً وبحث الحلول المقترحة لوقف تنفيذ أحكام الإعدام في مصر.
وكانت محكمة النقض المصرية قد أصدرت حكماً نهائياً بالإعدام ضد 12 من قادة المعارضة البارزين في قضية فض رابعة، وذلك قبل شهرين من الذكرى الثامنة للمجزرة التي وقعت في 14 أغسطس/آب 2013، في جريمة جديدة تضاف إلى القتل الجماعي الذي ارتكبته قوات الجيش والشرطة المصرية بحق أكثر من ألف مواطن مصري في ذلك اليوم.
الأحكام المُشار إليها صدرت بعد محاكمة مسيّسة افتقرت إلى الحد الأدنى من معايير العدالة، تعرض خلالها المتهمون لأنواع مختلفة من انتهاكات الحقوقية والقانونية، كباقي المحاكمات الجائرة في ظل النظام الحالي.
أدار الندوة محمد إسماعيل، المدافع عن حقوق الإنسان والشريك المؤسس لحزب أمل مصر، والذي شدد على رفضه التام للقرارات الصادرة عن المحاكمات الجائرة التي يتعرض لها المعارضون.
أما ماسيمو أنغارو، النائب في البرلمان الإيطالي، أكد في كلمته على أهمية مثل هذه الندوات قائلاً: “من المهم إيصال صوتنا إلى النظام المصري، الذي يجب أن يعرف أننا بصفتنا -برلمان أوروبي- نرفض انتهاكاتهم المستمرة لحقوق الإنسان واستخدام التعذيب في التعامل مع الشعب المصري”.
وأكد أنغارو أن “انتهاك حقوق الإنسان هو شأن دولي، وعلينا أن نوقف استخدام عقوبة الإعدام في مصر”.
وتعليقاً على انتهاكات السلطات المصرية المستمرة لحقوق الإنسان في مصر، أضاف أن البرلمان الإيطالي سيواصل رفضه الإعدامات غير القانونية الصادرة عن السلطات المصرية.
وأشار إلى أن “البرلمان الإيطالي أوقف العلاقات الدبلوماسية مع البرلمان المصري منذ عامين، وسيوقع على أي إعلان للمطالبة بوقف عمليات الإعدام في مصر”.
وفي كلمته، أكد أحمد أسامة ياسين -نجل الدكتور أسامة ياسين، وزير الشباب الأسبق في حكومة الدكتور محمد مرسي عام 2012، وأحد المعارضين الـ 12 الذين يواجهون عقوبة الإعدام بعد اتهامات باطلة- أن قرار إعدام والده له دوافع سياسية عقاباً له على دوره في ثورةالخامس والعشرين من يناير، حيث اعتبره المتظاهرون “وزير دفاع ميدان التحرير”، وأضاف أن “عمليات الإعدام هذه انتقاماً من كل قادة الثورة وليس فقط أسامة ياسين”.
وعن الانتهاكات القانونية في القضية، أوضح أحمد أن القضية تضم أكثر من 700 معتقل كان يتم وضعهم في قفص زجاجي عازل للصوت لمنع أهاليهم أو محاميهم سماعهم أو رؤيتهم، كما مُنع المحامون من زيارة المعتقلين في سجن العقرب، المحتجز بداخله والده منذ 8 سنوات في الحبس الانفرادي.
وفي ختام كلمته، دعا أحمد الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي وجميع المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم إلى “التدخل السريع لوقف تنفيذ هذه العقوبة البشعة”.
ميديا بنجامين، المؤسس المشارك لشركة CodePink في الولايات المتحدة الأمريكية، أعربت عن تعاطفها مع الذين صدرت بحقهم أحكام الإعدام الجائرة، وأبدت استغرابها من حكم القضاء المصري، متسائلة “لماذا لم يتعرض الذين قتلوا المئات من الأشخاص في ميدان رابعة لأي نوع من المساءلة!”.
وأضافت: “اعتقدت أنه في ظل إدارة بايدن ربما لن يتم معاملة السيسي كرجل دولة شرعي… قال بايدن إنه لن يكون هناك شيك على بياض للديكتاتور المفضل لترامب، ومع ذلك كان لطيفًا جدًا في تعاملاته مع السيسي، لم يتحدث عن الشراكة الأمريكية المصرية فحسب، بل وقع أيضًا في هذا الشيك على بياض بقيمة 1.38 مليار دولار لمصر، وهو شيء بالطبع نرفضه”.
وتابعت “اكتسب السيسي مكانة أكبر بعد التفاوض على وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل باعتباره ساهم في المضي قدما نحو العدالة، لكن لا يمكننا أن نرى العدالة في استمرار انتهاك حقوق الإنسان في مصر واحتجاز عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين في السجون، وأخيراً أحكام الإعدام تلك”.
وأكدت أن منظمتها تعمل مع الكونغرس لوقف تزايد جرائم الجيش المصري، مضيفة أنهم يحاولون إصدار رسائل إدانة لأحكام الإعدام الأخيرة هذه وإدانة مصر لكونها من أكبر دول العالم تنفيذاً للإعدام في لقيامها بإعدام 51 شخصًا في النصف الأول فقط من هذا العام.
إضافة إلى ذلك، قالت إنهم يحاولون الضغط على إدارة بايدن حتى يضغط على السيسي لوقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في مصر.
وفي كلمتها قالت مها عزام، رئيس المجلس الثوري المصري، إن “الوضع خطير وطارئ، قد نستيقظ غدًا أو في أي لحظة ونكتشف أن عمليات الإعدام قد تمت”.
وأضافت “منذ عام 2013، تعاني مصر من تنفيذ مستمر لعمليات الإعدام مع تزايد حالات الاختفاء القسري، فضلاً عن سجل مروع لحقوق الإنسان. الأكثر قلقاً أن عنف السيسي ونظامه في تصاعد مستمر”.
وأضافت “مات رئيسنا من الإهمال والتعذيب. أكثر من ألف شخص لقوا حتفهم في رابعة، بالإضافة إلى مجازر مختلفة في أماكن أخرى، وتوفي أعضاء مجلس النواب بسبب الإهمال الطبي المتعمد في سجون مصر،. يوجد في مصر نظام عسكري فاشي وديكتاتوري، وفي المقابل لا نرى سوى الصمت من الغرب”.
“السيسي ونظامه ووزاراته والعاملين معه واصلوا انتهاكاتهم بسبب تفشي الإفلات من العقاب … لا توجد حرية للتجمع أو حرية التعبير، يريدون التأكد من أن ما حدث في 25 يناير لن يتكرر، وتحت ذريعة الحفاظ على الأمن والاستقرار لا يزال يقتل الأبرياء من المصريين وغير المصريين “.
واختتمت كلمتها قائلة “لن تتوقف الجرائم إذا لم تتحدث الولايات المتحدة والحكومات الديمقراطية وتتخذ إجراءات جادة ضد هذا النظام. جميع الحكومات التي تدعم السيسي متواطئة في جرائمه وتعطي الضوء الأخضر لحلفائه في العالم لمواصلة عنفهم وانتهاكاتهم لحقوق الإنسان “.
وعن دور الغرب، أكدت ميسي كراتشفيلد، المؤسس المشارك لمركز غاندي العالمي للسلام في الولايات المتحدة، أنه إذا ظل الغرب صامتاً تجاه انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، فسوف يواجهون نفس المصير، قائلة “اليوم يحدث العنف في مصر، ولكن غداً يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة وأوروبا”.
وأضافت “الأموال التي ترسلها الولايات المتحدة إلى مصر كل عام من المفترض أن تكون مساعدة اقتصادية، مع ذلك الناس يتضورون جوعا هناك، هذه الأموال لا تذهب للشعب، بالرغم من ذلك، يعيش الجميع في خوف فلا يستطيعون الاعتراض على ذلك”.
وتابعت “يجب أن نضغط على بايدن للتوقف عن دعم السيسي بالمال. إذا كانت الولايات المتحدة حقاً تؤمن بالنزاهة والشرف وكل هذه القيم الرائعة، فلماذا نساعد ديكتاتور فاسد!”.
واختتم محمد إسماعيل الندوة مشيراً إلى أنه تم إرسال رسالة موقعة من مختلف المنظمات إلى الرئيس بايدن، وشدد على أن السيسي كان خائفًا من بايدن، ولكن بما أنه يتمتع الآن بالإفلات من العقاب، فهو يعلم أن بايدن لن يتخذ ضده أي إجراء.
وأضاف “رغم انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها السيسي ضد شعبه، تستمر الولايات المتحدة في إرسال الأموال إلى مصر، فما هو نفوذ السيسي على بايدن؟! لماذا يلتزم بايدن الصمت رغم ما يفعله السيسي؟ “… “يبدو أن دكتاتور ترامب المفضل هو الديكتاتور المفضل لبايدن أيضاً”.