لم تمض أيام معدودة على تشكيل الحكومة الفلسطينية لجنة للتحقيق باغتيال الناشط الفلسطيني نزار بنات؛ حتى شهدت هذه اللجنة انسحابات واعتذارات عن المشاركة، ليتبقى فيها ممثلو السلطة فقط، الأمر الذي يثير شكوكا حول حيادية هذه اللجنة، وتفقدها المصداقية.
وأعلن طبيب عائلة بنات، حازم الأشهب، عن انسحابه من لجنة التحقيق، في وقت اعتذرت فيه الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ونقابة المحامين عن عدم المشاركة فيها.
وصرح مدير مجموعة محامون من أجل العادة، المحامي مهند كراجة، بأن موقف المؤسسات الحقوقية مبرر؛ بسبب انعدام الثقة في تنفيذ نتائج التحقيق ومساءلة المدانين.
وقال في تصريحات إعلامية، إن الحكومة لا تتعامل بجدية مع عمل اللجنة ونتائجها، وهناك عديد لجان التحقيق التي تشكلت ولم تحقق نتائج ملموسة لتوصياتها، لافتاً إلى أنه في إحدى القضايا أدانت لجنة التحقيق الجناة من أفراد الأجهزة الأمنية، فكافأتهم السلطة برفع رتبهم ومنحهم امتيازات خاصة.
وأكد كراجة أن اللجنة المشكلة من قبل الحكومة تفتقر للاستقلالية، في حين أن المؤسسات الحقوقية طالبت بتشكيل لجنة مستقلة من خارج الطرفين؛ تشمل مؤسسات مدنية وحقوقية، مع ضمان اعتماد نتائج التحقيق وتنفيذها.
وأشار إلى أن الجناة والمسؤولين المباشرين بقضية قمع التظاهرات السليمة معروفون، ويتم التستر عليهم ولم تتخذ الإجراءات القانونية بحقهم من قبل النيابة العامة.
ولم يتبق في اللجنة عقب انسحاب الأشهب واعتذار مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك عن عدم المشاركة فيها سوى عضوين: هما: محمد الشلالدة وزير العدل، وماهر الفارس نائب رئيس الاستخبارات.
وكانت نقابة المحامين أعلنت أمس الأحد عن انسحابها من لجنة التحقيق الحكومية الخاصة باغتيال بنات، مؤكدة أن انسحابها جاء انسجاماً مع موقفها المعلن والسابق بضرورة تشكيل لجنة حيادية ومستقلة وفورية بعيدا عن الصفات الرسمية، بالتوازي مع مسار التحقيق الجنائي في الواقعة، والذي يفترض أن تقوم به النيابة العامة فورا.
وشددت النقابة على أن حق التظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير هي محددات دستورية أساسية كفلها القانون الأساسي الفلسطيني ووثيقة إعلان الاستقلال، وبالتالي يغدو الاعتداء على هذه الحقوق من قبل أية جهة أو فئة كانت هو خرق واضح وصريح لأحكام القانون الأساسي والوثيقة الدستورية.
وشهد اليومان الماضيان اعتداءات من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية على مواطنين وصحفيين أثناء مشاركتهم أو تغطيتهم لمسيرات في مدينة رام الله، خرجت للاحتجاج على اغتيال الأمن الفلسطيني للناشط نزار بنات.
وصباح الخميس الماضي؛ أعلن محافظ الخليل جبرين البكري، وفاة الناشط والمعارض الفلسطيني نزار بنات، بعد اعتقاله من قبل قوة أمنية تابعة للسلطة الفلسطينية، في الوقت الذي أكدت فيه عائلته بأن ما جرى “عملية اغتيال مع سبق الإصرار والترصد”.
وأكدت عائلة نزار بنات، أن قوة أمنية داهمت منزله الساعة 3:30 صباحا، وتعرض للضرب المبرح من حوالي 20 عسكريا، و”اعتقل حياً وهو يصرخ”.
وأدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، جريمة تصفية بنات على يد قوة من جهازي الأمن الوقائي والمخابرات العامة، مشيرة إلى أن سجل الأجهزة الأمنية الحاضر والماضي يشهد على وحشيتها وتعاملها غير الآدمي مع المواطنين الفلسطينيين، “فقد اعتقلت آلاف الفلسطينيين وعذبتهم تعذيبا وحشيا، مما أدى إلى وفاة ستة على الأقل، وإصابة آخرين بإعاقات دائمة”.
ولفتت في بيان، إلى أنه “في الآونة الأخيرة، وبعد انتهاء العدوان على قطاع غزة، وفي ظل العدوان على حي الشيخ جراح والمقدسيين والمسجد الأقصى؛ استشرست الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وقامت باعتقال العشرات، مؤكدة أن “هذه الأجهزة تشكل خطرا على حياة المواطنين وحرياتهم، وقد آن الأوان لحلها وتوحيدها في جهاز شرطي واحد؛ يسهر على حماية المواطنين، ويدافع عنهم أمام هجمات قوات الاحتلال والمستوطنين”.
وشددت المنظمة على أن “جريمة قتل الناشط نزار بنات يجب ألا تمر مرور الكرام، ويجب فتح تحقيق دولي يشرف على تشريح جثمانه ووضع آلية واضحة لملاحقة ومحاسبة كل المتورطين في جريمة مقتله”.