رحبت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بقرار شركة Ben and Jerry’s -بن آند جيري- وقف بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي أتى رغم ضغوط كبيرة تعرضت لها الشركة من اللوبي التابع للاحتلال الإسرائيلي في الولايات المتحدة، واصفة القرار بالانتصار لقيم حقوق الإنسان.
وكانت الشركة الأمريكية قد قررت في يوليو/تموز الماضي وقف مبيعاتها داخل المستوطنات الإسرائيلية المُقامة داخل الأراضي المحتلة، وقد قوبل هذا القرار بغضب من إسرائيل وداعميها، وعلى رأسهم عدد من السياسيين الأمريكيين وكبار المسؤولين في الحكومة الأمريكية.
سناتور فلوريدا “ريك سكوت” طالب بإجراء تحقيق فيدرالي ضد الشركة بسبب قرارها المُشار إليه، وكتب في رسالة إلى وزيرة التجارة “إن مثل هذه المقاطعات للدول الأجنبية هي انتهاك لقانون ومعاداة للسامية بشكل كبير، أطلب منك بالاشتراك مع وزارة العدل، تحديد ما إذا كانت هذه الكيانات تنتهك القانون، وإذا كان الأمر كذلك، يجب تحميلها المسؤولية الكاملة “.
اهتزت إسرائيل من هذه الخطوة، التي لفتت الأنظار من جديد إلى احتلالها المستمر للأراضي الفلسطينية والتوسع في بناء المستوطنات- وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي، لدرجة أن وزارة خارجية الاحتلال أمرت جميع البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا بالضغط على الشركة المملوكة لشركة يونيليفر متعددة الجنسيات للتراجع عن سياستها الجديدة.
الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ نفسه أعرب عن غضبه من شركة “بن آند جيري” بمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية داخل فلسطين، وقال في 21 يوليو/تموز 2021 إن “مقاطعة إسرائيل هي نوع جديد من الإرهاب: الإرهاب الاقتصادي”.
من جانبها، أكدت الشركة أن هذا القرار جاء تأكيداً على رفضها “للسياسة الإسرائيلية التي تكرس احتلالاً غير شرعي يشكل عائقاً أمام السلام وينتهك حقوق الإنسان الأساسية للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال”.
وذكرت المنظمة أن الشركة ومنافذ البيع فيها والعاملين والمديرين التنفيذيين تعرضوا لوابل من الإساءات والتهديدات البغيضة والعنيفة من قبل مؤيدي وداعمي إسرائيل، والسبب الوحيد أنهم حاولوا انتقاد السياسات الإسرائيلية الوحشية ضد الفلسطينيين بصورة سلمية، متفقة تماما مع القانون الدولي.
وبينت المنظمة أن إسرائيل تمتلك آلة علاقات اجتماعية جيدة التجهيز، حيث يضخ المحترفون المدفوعون المحتوى المؤيد لإسرائيل والمعادي للفلسطينيين جنباً إلى جنب مع العديد من المؤيدين في جميع أنحاء العالم.
وأشارت المنظمة إلى أن المنتقدون الذين يصفون الشركة بأنها “معادية للسامية” لا يهتمون في الغالب برفاهية الشعب اليهودي، لكن هدفهم الأساسي الحفاظ على دور إسرائيل بالنسبة للولايات المتحدة من حيث الجغرافيا السياسية – حيث تعمل إسرائيل كموقع أمامي أمريكي بحكم الأمر الواقع في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من القيود المفروضة على قرار المقاطعة، فإن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تشدد على دعمها موقف شركة بن آند جيري الذي يدافع عن حقوق الإنسان، وتؤكد على تشجيعها للشركة لعدم الرضوخ للضغوطات الإسرائيلية والأمريكية للتراجع عن هذا القرار.
كما تدعو المنظمة الشركات الأخرى إلى أن تحذو حذو بن آند جيري، وعدم الاهتمام بجني المزيد من الأرباح على حساب الأرواح البريئة وحقوق الإنسان.
ولفتت المنظمة إلى أن العنصرية المتجذرة في الاحتلال الإسرائيلي أصبحت اليوم معروفة للجميع حول العالم، وفي حال اتخذت هذه الشركات مواقف مشابهة، سوف يدعم الكثيرون مثل هذه التحركات، خاصة وأن العديد من اليهود في جميع أنحاء العالم يدعمون النضال الفلسطيني ضد العدوان الإسرائيلي.
وحذرت المنظمة سلطات الاحتلال من الرأي العام العالمي الذي لم يعد في صفها بعد الآن، مشيرة أن هذا الإجراء الأخير هو مجرد مثال واحد على الاستياء العالمي من سياساتهم – والتي تشمل استمرار سرقة الأراضي الفلسطينية، والانتهاكات اليومية ضد الشعب الفلسطيني، والهجمات العسكرية المنتظمة ضد المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وطالبت المنظمة نشطاء حقوق الإنسان حول العالم ببذل مجهود أكبر من أجل مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية، لافتة أن أبرز أسباب سقوط الفصل العنصري في جنوب إفريقيا كان المقاطعات الدولية التي طالب بها نشطاء حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ومن الممكن إنهاء الفصل العنصري للاحتلال الإسرائيلي بنفس الطريقة.