عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا الأربعاء 8 سبتمبر/أيلول 2021 ندوة إليكترونية لإلقاء نظرة أعمق على قضية حي الشيخ جراح، حيث يواجه الفلسطينيون خطر الإخلاء من منازلهم في أي وقت بعد قرار محكمة الاحتلال لصالح المستوطنين الإسرائيليين.
الندوة شملت حضور عدد من الرموز والمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان والخبراء والباحثين، هم جيم موران- عضو الكونغرس الأمريكي السابق، آلاء سلايمة- من أهالي حي الشيخ جراح المهددين بالتهجير، زكريا عودة-ناشط حقوقي ومنسق الائتلاف الاهلي لحقوق الانسان في القدس، مريم عفيفي -ناشطة حقوقية، أسيل عماد بروق- ناشطة فلسطينية ومدافعة عن حقوق الإنسان.
أدار الندوة الباحث الحقوقي نسيم أحمد، وفي افتتاحيته سلط الضوء على حالة الشيخ جراح مشيراً أنها مثال ممتاز للاستعمار الاستيطاني وصورة مصغرة للفصل العنصري وللواقع المؤلم الذي يعيشه الفلسطينيون من أكثر من 70 عاماً.
الناشط الفلسطيني زكريا عودة ناشط حقوقي ومنسق الائتلاف الاهلي لحقوق الانسان في القدس “القيود والسياسات الخاصة بهدم المنازل ومصادرة الأراضي وحرمان الفلسطينيين من السكن هي جزء أساسي من سياسة السيطرة الديموغرافية التي تطبقها إسرائيل على القدس”
وفي كلمته شدد المحامي الفلسطيني زكريا عودة، على أن الفلسطينيين في القدس يواجهون نظام فصل عنصري استعماري، وليس احتلالاً فقط، مشيراً أن هذا بدأ حتى قبل نكبة عام 1967.
وأوضح عودة “بعد أن أصبحت القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، قامت قوات الاحتلال بسن قوانين وقرارات جائرة انتهت بضم القدس: القرار الأول كان توسيع حدود مدينة القدس من القرى المجاورة، والثاني توسيع ولاية البلدية الإسرائيلية في القدس الشرقية، ثم تم إضفاء الطابع المؤسسي على ذلك من خلال قرار الكنيست عام 1980 عندما أعلن أن القدس الشرقية والغربية هي العاصمة الموحدة لدولة إسرائيل”.
وأضاف عودة “خلال العامين الماضيين، شهدت القدس زيادة كبيرة وتصعيداً في السياسات والممارسات الإسرائيلية التعسفية مثل مصادرة أراضي الفلسطينيين وهدم منازلهم وبناء المستوطنات، حدث هذا بتشجيع من إدارة ترامب التي نقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس وأوقفت تمويلها إلى الأونروا “.
وأشار عودة إلى أهمية معرفة أن إسرائيل تستخدم 87٪ من أراضي القدس الشرقية المحتلة بشكل أساسي لبناء المستوطنات، لا فتا أن “الفلسطينيون يواجهون قيوداً كثيرة للحصول على تصاريح البناء، الأمر الذي لم يترك للفلسطينيين أي خيار سوى البناء دون تصريح، وقد تم بناء 222 وحدة سكنية بدون تصاريح، ووفقًا للقوانين الإسرائيلية، فإن هذه المباني معرضة لخطر الهدم”.
وذكر عودة أن “كل هذه القيود والسياسات الخاصة بهدم المنازل ومصادرة الأراضي وحرمان الفلسطينيين من السكن هي جزء أساسي من سياسة السيطرة الديموغرافية التي تطبقها إسرائيل على القدس”.
واختتم عودة كلمته قائلاً: “نسمي ما يحدث بالنكبة الثانية لفلسطينيي القدس لأن معظم ممتلكاتهم ستأخذها الحكومة الإسرائيلية وتسيطر عليها، وهذه الاستراتيجية ستغير الطابع العربي الفلسطيني للقدس، وبالطبع يحدث كل هذا تحت أنظار المجتمع الدولي”.
الناشطة آلاء سلايمة، واحدة من سكان حي الشيخ جراح المهددين بالتهجير “أريد أن أبقى في بيتي، هنا تاريخنا وذكرياتنا، هذه أرضنا ومنازلنا”.
الناشطة آلاء سلايمة، واحدة من سكان حي الشيخ جراح المهددين بالتهجير ضمن 28 عائلة أخرى في الحي تضم حوالي 500 فرد- قالت في كلمتها في الندوة “أريد أن أبقى في بيتي، هنا تاريخنا وذكرياتنا، هذه أرضنا ومنازلنا، سأناضل من أجل حي الشيخ جراح لأنه ملكي وملك الشعب الفلسطيني”.
وتحدثت سلايمة عن تاريخ الحي وبداية الأزمة، حيث قالت “عام 1956، اختارت الأونروا 28 عائلة من المهجرين في النكبة، وقامت بتسكينهم في حي الشيخ جراح، وتم التوقيع على اتفاقية بأن تمنح الأردن هذه العائلات سند قانوني للعقارات خلال 3 سنوات، مقابل إيجاراً رمزياً للمنازل قبل تملكها، ومع ذلك لم نحصل على سند قانوني للعقار من الجانب الأردني حتى الآن”.
وتابعت ” عام 1972، ادعت منظمتان استيطانيتين ملكيتها وملكية المستوطنين لأراضي حي الشيخ جراح التي نقيم عليها، ومنذ 1985 تصدر طلبات بدفع الإيجار للإسرائيليين مقابل البقاء، كما تصدر قرارات بالإخلاء والمغادرة”.
وأضافت “في الآونة الأخيرة استخدمنا وسائل التواصل الاجتماعي لجعل أصواتنا مسموعة من قبل المجتمع الدولي الذي يمكن أن يقف في طريق جرائم إسرائيل وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في القدس المحتلة، ومحاسبة إسرائيل على سياسة التهجير التي تنتهجها، ومطالبة الحكومات المختلفة بوقف مساعدتها لإسرائيل”.
عضو الكونغرس الأمريكي السابق جيم موران ” السعوديون والإماراتيون ألقوا بالفلسطينيين [تحت الحافلة]”
عضو الكونغرس الأمريكي السابق جيم موران أكد في كلمته أن “ما يحدث في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بينيت لا يبشر بخير على الإطلاق، أصبحت دولة إسرائيل أكثر يمينية، المزيد من المستوطنين يأتون إلى البلاد من أماكن مثل بروكلين وغيرها، التطرف والغطرسة في تزايد مستمر”.
وأضاف “يجب أن يدفعنا هذا الظلم للتحرك بشكل عملي، لكن ما يحدث هو أن الظلم يستمر وما من سبيل لتغييره سوى نشر الحقائق التاريخية ومجابهة الأمر بقوى مالية وسياسية”.
وأوضح فكرة استخدام القوى المختلفة في التأثير على الوضع بالإشارة إلى دور عدد من الدول العربية في ذلك، حيث قال ” السعوديون والإماراتيون ألقوا بالفلسطينيين [تحت الحافلة]”، وتابع “أهالي الشيخ جراح والسكان الأصليين لأمريكا، كلاهما عانوا من ظلم فادح وتعرضوا للمذابح والتطهير العرقي… قصصهم تجسد الوحشية لدى البشر”.
واختتم موران كلمته مناشداً الشعب الفلسطيني بالاتحاد، حيث قال “على الشعب الفلسطيني أن يوحد كلمته وصفوفه لتحقيق أهدافه”.
الناشطة الفلسطينية أسيل بروق “وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية للغاية لتضخيم أصوات الفلسطينيين ومحاسبة الحكومات على ما يحدث”.
أما الناشطة الفلسطينية أسيل بروق، بدأت كلمتها مشيرة إلى نشأتها وهي تستمع إلى قصة عائلتها وكيف تعرضوا للتطهير العرقي والتهجير من أراضيهم الأصلية، لافتة أنه على مر السنين “كانت المشاعر الوحيدة التي شعرت بها هي الحزن والخوف والعجز… وفي كل مرة تُقصف فيها غزة لا أملك سوى البكاء والدعاء للشهداء”.
وتابعت “ما حدث في حي الشيخ جراح معجزة لأنه أيقظ روح الهوية الفلسطينية خاصة بين الشباب في الشتات. لقد انبثقت مشاعر الفخر بداخلنا بسبب ممارسات إسرائيل ضد أهالي حي الشيخ جراح”.
وأضافت ” بعض الناس كانوا يخجلون من القول إنهم فلسطينيون بسبب التمييز الذي نواجهه يومياً كلاجئين في الشتات، لكن الآن أصبحوا فخورين جدًا بالإعلان عن هويتهم، والحديث عن فلسطين، وتعريف العالم بالفظائع التي يرتكبها الاحتلال ضد شعبنا”.
واختتمت كلمتها متحدثة عن سبل تحقيق الحلم الفلسطيني، قائلة “التمكين يأتي من ثلاثة أشياء: المال والأصوات، المعرفة أو بمعنى أدق نشر الحقائق” لافتة أنها “عنصر مهم جداً”، مضيفة أن الاحتلال يعمل منذ سنوات على التفرقة بين الفلسطينيين في الشتات وفي غزة وفي القدس وفي أراضي 48 من أجل إخفاء حقيقة ما يحدث على الأرض”، مشددة أن “وسائل التواصل الاجتماعي أداة قوية للغاية لتضخيم أصوات الفلسطينيين ومحاسبة الحكومات على ما يحدث”.
مريم عفيفي، الناشطة الفلسطينية “نضالنا الأساسي اليوم كفلسطينيين في القدس هو محاربة الجهود الإسرائيلية المستمرة لمحو وجودنا من هذه المدينة”.
مريم عفيفي، الناشطة الحقوقية، قالت “نضالنا الأساسي اليوم كفلسطينيين في القدس هو محاربة الجهود الإسرائيلية المستمرة لمحو وجودنا من هذه المدينة، وهذه الجهود مستمرة منذ عام 1948”.
وسلطت مريم الضوء على السياسات العنصرية الإسرائيلية قائلة “تستخدم إسرائيل محاكمها المنحازة كسلاح قوي من أجل إضفاء الشرعية على سياسات التطهير العرقي والتهجير القسري والمجازر وغيرها من الممارسات”.
وأضافت: “اليوم، يشكل الفلسطينيون في القدس 40٪ من السكان، وتعمل إسرائيل على إفراغنا من القدس من خلال تكتيكات مختلفة”.
وتابعت “في حي الشيخ جراح، هناك أربع عائلات تم إخلاؤهم بصورة قسرية في 2009، والبقية مهددون بالإخلاء في أي وقت من أجل تسكين مستوطنين إسرائيليين في منازلهم، وفي سلوان كل الأحياء السكنية مستهدفة كما حدث في حي البستان الذي تعرض 150 منزلاً فيه للهدم ما يعني 1500 شخص مهددون بالتهجير، بالإضافة إلى 750 آخرين في حي بطن الهوى”، مؤكدة أنه “بموجب القانون الدولي ما تقوم به إسرائيل غير قانوني بالمرة، لكن كما تعلمون هي قضية سياسية، هي قضية استعمارية”.
واختتمت كلمتها محذرة من استمرار الممارسات الإسرائيلية في محو الهوية حيث قالت “إسرائيل منحتنا – نحن سكان القدس الفلسطينيين- صفة مقيمون وليس مواطنون .. يحرموننا من وجود أي مؤسسة أو منظمة فلسطينية، يحرموننا من أي وسيلة للتعبير عن هويتنا الفلسطينية في القدس، بل إنهم يهاجموننا أو يعتقلوننا إذا رفعنا العلم الفلسطيني أو نظمنا حدثًا أو نشاطًا فلسطينيًا”.