قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن أوضاع الاحتجاز الحالية في مصر تشكل خطرا داهما على حياة المعتقلين، في ظل منهجية التعذيب النفسي والبدني التي تتعامل بها إدارات السجون مع المعتقلين المعارضين بصورة مستمرة.
وأضافت المنظمة أن الحالة الجسدية والنفسية التي وصل إليها عدد من المعتقلين السياسيين في مصر والتي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بعد رؤية المعتقلين في جلسات المحاكمة أو تسريب رسائل خاصة لعائلاتهم بطرق صعبة – في ظل منع الزيارة عنهم بشكل شامل ـ تعبر عن حجم المعاناة التي يعيشون فيها، في ظل قطع كل الطرق القانونية للانتصاف أو وقف تلك الانتهاكات.
وكانت أسرة الناشط المصري المعتقل علاء عبد الفتاح قد أعلنت عن تسريب رسالة بخط يده إلى عائلته تحدث فيها عن نيته للانتحار إذا لم يتم الإفراج عنه، معبراً عن عدم قدرته على تحمل أوضاع احتجازه والمعاملة التي يتلقاها في السجن، حيث يتعرض للتنكيل المستمر داخل محبسه الذي يقضي معظمه في الحبس الانفرادي، فضلاً عن حرمانه من الزيارات العائلية أو التواصل مع محاميه أو أسرته، بالإضافة إلى تدهور حالته الصحية دون توفير أي رعاية صحية تُذكر.
علاء عبد الفتاح- من أبرز نشطاء ثورة يناير 2011- قضى ما يقرب من سبع سنوات في السجون المصرية منذ تولي السيسي الحكم، حيث اعتقل للمرة الأولى عام 2014 بتهمة التظاهر بدون ترخيص وأفرج عنه بعد قضاء مدة العقوبة عام 2019، وبعد قرابة شهرين من إطلاق سراحه أعيد اعتقاله بتهمة الترويج لأخبار كاذبة، ولا تزال الجهات القضائية تمدد حبسه بلا محاكمة حتى الآن.
وفي ذات السياق أظهرت صور متداولة للناشطتين المعتقلتين عائشة الشاطر وهدى عبد المنعم من أولى جلسات محاكمتهن ما تعانيان منه من هزال وضعف عام بدا واضحا على ملامحهن، حيث بدت الشاطر – في المحكمة في 13 سبتمبر/أيلول شاحبة الوجه تبدو عليها آثار التعب والإجهاد حتى أن أبناءها لم يتعرفوا إليها، حيث إنها أصيبت بعد اعتقالها بالأنيميا الخبيثة، وفشل في نخاعها الشوكي، إثر ظروف الاحتجاز القاسية، وإهمال علاجها ورفض إخلاء سبيلها دون مبرر.
وكانت حالة المحامية والحقوقية البارزة المعتقلة هدى عبد المنعم، التي جاوزت الستين من عمرها- مؤسفة للغاية، خاصة وأنها تعاني داخل السجن من إهمال طبي جسيم، حيث عانت بعد اعتقالها من توقف كليتها اليسرى عن العمل تماماً مع ارتجاع في الكلية اليمنى.
وكانت قوات الأمن المصرية قد اعتقلت عائشة الشاطر وهدى عبد المنعم مع 16 آخرين -بينهم المحامي محمد أبو هريرة زوج الشاطر- في بداية نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وبعد ما يقارب من ثلاث سنوات من الحبس الاحتياطي وتمديد الحبس بلا مسوغ قانوني، تم إحالة المجموعة إلى المحكمة الجنايات الأربعاء الماضي بتهم من بينها الترويج لأخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.
وأكدت المنظمة أن تجاهل القضاء للمشاهد المفزعة البادية على وجوه المعتقلين والمعتقلات، وإصدار قرارات متكررة بتجديد حبسهم دون مبرر قانوني، وتجاهل الانهيار البدني والنفسي الذي يحاصر المعتقلين، هو دليل جديد على انسداد أفق العدالة في مصر، وتغول السلطات الأمنية على كل مؤسسات الدولة، كما يوضح بأن التنكيل بالمعتقلين وتعريضهم للقتل البطيء هو سياسة منهجية متبعة لدى النظام المصري وهدف رئيسي من اعتقالهم.
وطالبت المنظمة المجتمع الدولي، الأمين العام للأمم المتحدة والجهات الأممية ذات الصلة، بممارسة ضغط حقيقي على النظام المصري لإنقاذ أرواح عشرات الآلاف من المعتقلين المصريين من الموت البطيء في ظل عمليات التعذيب النفسي والبدني المنهجية التي يتعرضون لها دون توقف، والعمل بشكل فعال للإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين في مصر.