في الخمس سنوات الأخيرة منذ أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013 وحتى الثالث من يوليو/تموز 2018 تم رصد مقتل 3110 شخصاً خارج إطار القانون، سقط هذا الكم من القتلى في مختلف المحافظات المصرية عدا سيناء والمفرد لها رصدا مستقلا أدناه، من بين الأعداد المذكورة قتل 2194 شخصاً نتيجة الاعتداءات الأمنية على تجمعات سلمية، كما قضى 717 شخصا داخل مقار الاحتجاز المختلفة، بينهم 122 قتلوا جراء التعذيب من قبل أفراد الأمن، و480 توفوا نتيجة الإهمال الطبي و32 نتيجة التكدس وسوء أوضاع الاحتجاز و83 نتيجة فساد إدارات مقار الاحتجاز.
خلال ذات الفترة، بلغ عدد من تم توثيق مقتلهم بالتصفية الجسدية المباشرة 169 أشخاص، قتلوا أثناء عملية ضبطهم حيث كانوا مطلوبين على خلفية قضايا متعلقة بمعارضة السلطات، قبل أن تزعم السلطات في بيانات رسمية أنهم قتلوا في اشتباكات مسلحة مع رجال الأمن إلا أن تقصي حقيقة تلك الوقائع وفقا لما توافر من أدلة مع امتناع السلطات عن فتح أي تحقيق في تلك الوقائع أكد تعرض أولئك الأشخاص لجرائم قتل عمدي مع سبق الإصرار في ظل تفشي وباء الإفلات التام من العقاب لرجال الأمن في مصر.
خلال الخمس سنوات الأخيرة تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 30 شخصاً على خلفية اتهامهم في قضايا معارضة للسلطات نُظرت أمام دوائر مدنية وعسكرية، حيث تم تنفيذ حكم الإعدام بحق مواطنين نظرت قضاياهم أمام
وفقاً لعمليات رصد كمي لحالات الاعتقال على خلفية سياسية بلغ عدد الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي خلال فترة عمل التقرير 61262 شخصاً، بينهم 629 نساء و1143 قاصراً، حيث اعتقل 24320 شخصاً في الفترة من 3 يوليو/تموز 2013 وحتى نهاية ذلك العام، بينما اعتقل 10046 شخصاً عام 2014، واعتقل 17840 شخصاً عام 2015، و5100 شخصاً خلال العام 2016، و2998 شخصاً خلال 2017، ومنذ بداية عام 2018 وحتى 3 يوليو/تموز 2018 تم رصد اعتقال 958 شخصاً.
وكعادة السلطات الأمنية في مصر فقد تعرض معظم هؤلاء المعتقلون للاختفاء القسري لمدة تزيد عن 24 ساعة على الأقل، بينما استمر تعريض بعضهم للاختفاء القسري حتى الآن، ووفق شكاوى تلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا فقد قام أسر أولئك المختفين قسرياً بإرسال المئات من التلغرافات والبلاغات للنائب العام ووزير الداخلية مطالبين إياهم بإجلاء مصير ذويهم، إلا أنه لم يتم البت في تلك البلاغات.
ولغرض طمس الحقيقة استهدف النظام الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة دون توقف منذ الثالث من يوليو/تموز 2013 حيث أغلق النظام المصري أكثر من 20 وسيلة إعلامية من القنوات الفضائية والصحف، وأوقف العديد من الإعلاميين والكتاب عن الكتابة والنشر، وقام بترحيل عدد من الصحفيين واقتحم نقابة الصحفيين واختطف صحفيين لجأوا إليها ولفق تهما مفبركة لنقيب الصحفيين، كما تعرض 10 صحفيين للقتل، واعتقل أكثر من مائتين لايزال 66 منهم في السجون، هذا بالإضافة إلى إدراج نحو 15 صحافياً وإعلامياً على قوائم الإرهاب، كما تم الزج بأسماء سبعة إعلاميين مصريين في قضايا معارضة للسلطات المصرية، على الرغم من كونهم يعملون خارج البلاد، وحُكم بالفعل عليهم بالسجن لمدد متفاوتة، وهم محمد ناصر، ومعتز مطر، وأسامة جاويش، وحمزة زوبع، وهشام عبد الله، ونور الدين حافظ، وعمرو فراج.
وفي أكبر هجمه على الصحافة وحرية الرأي والتعبير قامت الحكومة المصرية مؤخرا بحجب حوالي 121 موقعاً منها صحف على شبكة الانترنت تابعه لمؤسسات إعلامية وإخبارية مصرية وغير مصرية.
خلال فترة عمل التقرير صدرت العديد من القرارات الحكومية والرئاسية بتخصيص مئات الأفدنة والأراضي لبناء العديد من السجون الجديدة، والتي بلغ عددها 18 سجناً، تم افتتاح بعضها بالفعل، وذلك لاستيعاب التكدس الذي تعاني منه كافة مقار الاحتجاز المصرية الارتفاع غير المسبوق في أعداد المعتقلين.
وفق عملية رصد كمي لجلسات محاكمات المعتقلين على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات خلال الخمسة سنوات الأخيرة بعد أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013، تبين صدور أحكاما قضائية في الحكم في 2485 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، حيث تم الحكم في 2237 قضية مدنية، بينما تم الحكم في 248 قضية عسكرية.
بلغ عدد الأشخاص الذين شملتهم تلك المحاكمات، 35183 شخصاً، منهم 370 قاصراً، وقد تم تبرئة 9108 من هؤلاء المحكومين، أي 25.9 % من إجمالي العدد الكلي للمتهمين، بينما حُكم على 25996 شخصاً بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 73.9 %، فيما جاءت قرارات المحكمة بعدم الاختصاص أو انقضاء الدعوى بحق 79 شخصاً، أي ما يعادل 0.2 ٪ تقريباً.
وتوزعت أحكام الإدانة حيث تم الحكم بالسجن المؤبد على 6740 شخصاً أي بنسبة 25.9 % من إجمالي أحكام الإدانة، وحكم بالسجن المشدد أكثر من 5 سنوات على 7074 شخصاً أي بنسبة 27.3 % من إجمالي أحكام الإدانة، وحكم بالسجن من 3 سنوات وحتى 5 سنوات على 4427 أي ما يقارب 17 % من إجمالي أحكام الإدانة، وحكم بالحبس من شهر وحتى أقل من 3 سنوات على 6338 شخصاً أي بنسبة 24.3 % من إجمالي أحكام الإدانة، بينما تم الحكم بالغرامة المالية بمبالغ تراوحت بين ألف جنيهاً و100 ألف جنيهاً على 406 شخصاً أي بنسبة 1.6 % من إجمالي أحكام الإدانة، بالإضافة إلى التصديق على الحكم بإعدام 1012 شخصاً أي بنسبة 3.9 % من إجمالي أحكام الإدانة.
وبحسب عملية الرصد الكمي لآثار عمليات الجيش الأمنية في سيناء خلال فترة الرصد في الخمسة سنوات التي أعقبت أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013 فقد بلغ عدد من المدنيين 4010 شخصا، منهم 3709 شخصا قال عنهم الجيش أنهم قتلوا نتيجة مواجهات أمنية، والبقية قتلوا بصورة عشوائية دون أن يفتح تحقيقا واحداً في أي من تلك الحالات.
أما عدد المعتقلين في سيناء أثناء فترة الرصد، فقد بلغ 10363 شخصاً، منهم 2872 أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنهم مطلوبون أمنياً، بينما تم اعتقال 7491 شخصاً بدعوى الاشتباه.
وفي سياق العمليات الأمنية في سيناء تم الإعلان عن حرق وتفجير 4266 دراجة بخارية و1626عربة خلال فترة رصد التقرير، كما تم الإعلان عن حرق وتدمير مئات المنازل والعشش الخاصة بأهالي محافظة سيناء، حيث بلغ عدد المنازل التي تم حرقها وتدميرها خلال فترة عمل هذا التقرير 262 منزلاً، بينما تم الإعلان عن حرق وتدمير 2207 عشة، هذا بالإضافة إلى تجريف 135 مزرعة و35 فداناً.
جدير بالذكر أن المنازل والعشش التي تم الإشارة إلى حرقها وتدميرها، كانت خارج الشريط الحدودي مع غزة، والذي قامت الحكومة المصرية بإصدار قرارات بإخلائه، وذلك بتهجير سكان تلك المنطقة من منازلهم وهدمها، تمهيدا لإقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة، وبدأت المرحلة الأولى في أكتوبر/تشرين الأول 2014 حيث تم تنفيذها بواقع 500 متر، وتضمنت هدم 837 منزلا، وجاءت المرحلة الثانية في مارس/آذار 2015، وتم الانتهاء منها لمسافة 500 متر أخرى، حيث تم هدم نحو 1044 منزلا من إجمالي المنازل المحصورة في المرحلة الثانية.
وأصدرت الحكومة المصرية قرارا ثالثاً بالبدء في المرحلة الثالثة من التهجير ابتداء من أبريل/نيسان 2015، على إجمالي مساحلة وصلت إلى نحو 2000 متر، حيث يوجد بهذه المنطقة 1220 منزلا مأهولاً، وقد تم البدء في المرحلة الثالثة في أكتوبر/تشرين الأول 2017، لتصبح المساحة الإجمالية التي تم إخلائها بعد الانتهاء من المرحلة الثالثة 1500 متراً.
وتم تهجير كافة الأسر وتعدادهم تقريبا أكثر من 3200 عائلة (متوسط عدد أفراد الأسرة 5-7 أفراد) المقيمة بتلك المنازل قسرا دون توفير أي بدائل لهم للسكن وتُرك تدبير مقار سكنهم الجديدة لهم، ولم تلتزم الحكومة ببناء المدينة الجديدة التي زعمت أنها ستكون بديلا آمنا لتلك الأسر، كما تم تعيين مبالغ ضئيلة للغاية كتعويض عن هدم المنازل لا يمكنها بأي حال سد عجز وحاجة الأسر المهجرة أو تمكينهم من شراء منازل جديدة.
الواقع المذري لحالة حقوق الإنسان في مصر تحتم على المجتمع الدولي التحلي بالقدر اللازم من المسؤولية الأخلاقية تجاه جرائم النظام المصري، فالتعامي الدولي عن تلك الجرائم يجعل كافة المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان دون أدنى قيمة في ظل تجاهلها من قبل الدول الأعضاء مقابل مصالح سياسية رخيصة.