عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا -الأربعاء 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2021- ندوة افتراضية تطالب بإطلاق سراح المعتقل الفلسطيني المُسن الدكتور محمد الخضري، المحتجز داخل السجون السعودية، ويقضي حُكماً بالسجن لمدة 15 عاماً، بعد محاكمة جائرة تعرض لها هو ونجله الدكتور هاني ونحو 60 فلسطينياً وأردنياً آخرين.
ويعاني الدكتور محمد الخضري -البالغ من العمر 83 عاماً- من حالة صحية متأخرة بسبب الإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرض له داخل مقر احتجازه في المملكة، خاصة وأنه مصاباً بالسرطان، ولديه قسطرة في المثانة، فضلاً عن عدد من أمراض الشيخوخة، التي تضاعفها أوضاع الاحتجاز السيئة.
حضر الندوة عدد من الخبراء القانونيين والحقوقيين، وهم: سو ويلمان – رئيسة لجنة حقوق الإنسان في نقابة المحامين ومساعدة مدير العيادة القانونية في جامعة كنغز كوليج، وهايدي ديكستال – المحامية الدولية للدكتور محمد الخضري ونجله وعدد من المعتقلين الآخرين، والمحامي نيكولاس سكوايرز، والمحامية ليندا منصور، والباحث في منظمة “الديموقراطية في العالم العربي الآن”- الأمريكي من أصول عربية- رائد جرار.
بدورهم، سلط المتحدثون الضوء على الانتهاكات التي يعاني منها الدكتور الخضري، وناقشوا الحلول الممكنة التي يمكن تطبيقها للإفراج عنه.
في كلمتها، أشارت المحامية هايدي ديكستال إلى الانتهاكات القانونية التي يتعرض لها موكلها الدكتور محمد الخضري، والذي تمثله أمام فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي لإبداء رأيهم بشأن اعتقاله التعسفي، حيث أوضحت أنه احتجز بشكل غير قانوني وحوكم ضمن محاكمة جماعية غير عادلة حُرم خلالها جميع المتهمين من حق الدفاع.
وأضافت ديكستال أن الدكتور الخضري احتجز لمدة ثلاثة أشهر في زنزانة انفرادية، وتعرض للضغط والإكراه خلال التحقيقات، كما حُرم من الاتصال بمحام طوال فترة المحاكمة، بل إن محاميه لم يتمكن من الاطلاع على ملف الدعوى حتى الآن.
وأشارت إلى أن جميع المعتقلين في تلك القضية لم يتم إخبارهم بأسباب اعتقالهم إلا خلال عرضهم على المحكمة، والتي لم يُحالوا إليها إلا بعد 11 شهراً من الاعتقال، وبالتالي لم يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم.
كما سلطت ديكستال الضوء على مسألة أن جميع المتهمين في تلك القضية مواطنين فلسطينيين أو من أصول فلسطينية، مؤكدة أن اعتقالهم تم بناء على طريقة عنصرية وتمييزية بسبب جنسيتهم، بالرغم من إقامتهم بشكل قانوني في المملكة العربية السعودية لسنوات طويلة.
وبينت ديكستال أنها تقدمت بطلب للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2019، أثار انتباه الهيئات المعنية بالحق في الصحة والحق في المحاكمة العادلة والحق في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة المهينة، مشيرة أن المملكة العربية السعودية نفسها تُعد طرفاً في اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من المعاهدات التي تلزمها باحترام المعتقلين وعدم تعريضهم لأي نوع من أنواع التعذيب البدني أو النفسي.
أما رائد جرار، أحد مدراء منظمة “الديموقراطية في العالم العربي الآن” التي أسسها خاشقجي قبل وفاته- أكد في كلمته أن الحكومة السعودية ترتكب انتهاكات جسيمة ضد حقوق الإنسان بشكل يومي، سواء في الداخل ضد المعتقلين مثل حالة الخضري، أو في الخارج مثل حرب اليمن، أو التمويل غير المباشر لنظام السيسي القمعي في مصر، فضلاً عن تغذية الاضطرابات في بلدان مثل ليبيان وتونس الآن.
ولفت جرار أن كل هذه الانتهاكات البشعة تتم وسط صمت تام من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، مشيراً أنه يجب إجراء تحول في سياسة تلك الدول تجاه المملكة العربية السعودية، كأن تفرض الولايات المتحدة مثلاً حظراً على المبيعات العسكرية الأمريكية للسعودية، كون تلك الأسلحة تستخدم في ارتكاب جرائم وحشية وانتهاكات ضد حقوق الإنسان.
وأشار جرار إلى أن سجل السعودية في مجال حقوق الإنسان مروع، مؤكداً أنه يجب توحيد الجهود الدولية لتحقيق العدالة لجميع ضحايا هذا النظام بما في ذلك إنصاف جمال خاشقجي وإطلاق سراح الدكتور الخضري وجميع المعتقلين السياسيين.
أما الخبيرة القانونية سو ويلمان، شددت على موقفها من رفض تصدير الأسلحة البريطانية للمملكة العربية السعودية، مؤكدة أنه لا يوجد فائدة كبيرة في السعي وراء سبل الانتصاف القانونية، بل يكمن الحل في البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية للضغط على المملكة العربية السعودية التي تنتهك باستمرار القانون الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأشارت ويلمان أن المملكة العربية السعودية هي واحدة من الدول القليلة التي رفضت التوقيع على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لذلك فمن الطبيعي “أنهم لا يجدون أي مانع في انتهاك الحقوق الأساسية للدكتور محمد الخضري ونجله هاني و60 معتقلاً آخرين“، مضيفة أن “الحبس الانفرادي المطول الذي يتعرض له الخضري يرقى إلى مستوى التعذيب الجسدي والنفسي”.
وأكدت ويلمان أن “حكومة المملكة المتحدة ووزارة الخارجية لديهما سلطة فرض عقوبات ضد المملكة العربية السعودية، بل تم فرض عقوبات بموجب اللوائح على 20 مواطنًا سعوديًا زُعم أنهم متورطون في مقتل الصحفي جمال خاشقجي“، مؤكدة أن “العقوبات كان سيكون لها تأثيراً قوياً لأن المملكة العربية السعودية لديها مصالح مالية ضخمة في المملكة المتحدة”.
واختتمت ويلمان كلمتها مؤكدة أن حقوق الإنسان يجب أن تأتي دائماً قبل الاستثمار الاقتصادي، مشيرة إلى أنه “كان من الممكن منع شراء نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم المملوك الآن لولي العهد محمد بن سلمان الذي أذن بقتل خاشقجي”.