قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن إعلان السيسي إلغاء تمديد حالة الطوارئ في مصر ـ والذي سوقه على أنه تقدم كبير على صعيد حقوق الإنسان ـ لم يكن سوى تمهيد لمزيد من القمع إذ تبعه مباشرة سن تشريعات جديدة عبر مجلس النواب وإجراء تعديلات على القوانين تزيد من إحكام القبضة الأمنية والعسكرية على الحريات العامة بصورة دائمة دون ربط تلك الإجراءات بفترة زمنية مؤقتة.
وأوضحت المنظمة أنه في أعقاب إلغاء حالة الطوارئ في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، وافق مجلس النواب المصري على العديد من التعديلات على قانون مكافحة الإرهاب وحماية المنشآت الحيوية، بما يرسخ الحكم الاستبدادي الذي بدأه السيسي عقب توليه السلطة بصورة رسمية في 2014.
وبينت المنظمة أن اثنين من التعديلات الثلاثة تتعلق بـ “حماية المنشآت الحيوية” و “حراسة أسرار الدولة” واللذان يمنحان الجيش سلطة مطلقة على الحريات العامة، ويجعلان أي تعامل -غير مصرح به- مع أي معلومات تخص العسكريين يعادل جريمة التجسس، كما أنهما يوسعان من صلاحية واختصاص القضاء العسكري ـ وهو قضاء استثنائي يفتقر إلى الاستقلال والمعايير الدنيا للعدالة الجنائية ـ ليمتد نطاقه الموضوعي إلى كافة القضايا التي تمس المنشئات العامة كالطرق والكباري والمواصلات والمؤسسات العامة وما في حكمها، أما التعديل الثالث والذي يخص “محاربة الإرهاب”، يمنح الرئيس صلاحيات واسعة النطاق مثل فرض حظر التجول دون قيود قانونية حقيقية.
ولفتت المنظمة إلى أن الصلاحيات التي تمنحها تلك التعديلات للرئيس والأجهزة الأمنية أقل من تلك التي كانت تُطبق بموجب قانون الطوارئ في وقت إعلان حالة الطوارئ، وكل ما تغير بعد إلغاء حالة الطوارئ هو إثقال القوانين المصرية المعيبة أصلا، بتعديلات دائمة تزيد من سلطوية النظام، وتهدر قيم العدالة واستقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان.
وأضافت المنظمة أن التعديلات القانونية الجديدة تضاف إلى قائمة كبيرة من القوانين القمعية التي هدفت إلى سحق المعارضة وتحويل الدولة المصرية إلى دولة بوليسية والتي واجهت انتقادات حقوقية مكثفة، مثل قانون منع التظاهر لعام 2013، وقانون حماية المنشآت الحيوية لعام 2014، وقانون الإرهاب لعام 2015، وقانون المنظمات الأهلية وغير الحكومية لعام 2019، وكلها استخدمت بهدف سحق حرية الرأي والتعبير، وإنهاء أي وجود أو أثر للمجتمع المدني والنشطاء المؤيدين للديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وأوضحت المنظمة أن السجون المصرية تمتلئ الآن بأكثر من 60 ألف سجين سياسي، أغلبهم اعتقل بموجب تلك القوانين والتشريعات أو بموجب قانون الطوارئ والذ امتد أثره بحقهم بشكل غير دستوري عقب إلغاء حالة الطوارئ مؤخرا.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي ألا ينخدع بالتصريحات الرسمية المصرية وألا يعتبر إلغاء تمديد حالة الطوارئ بداية عهد جديد، وتكثيف الجهود لدفع النظام المصري لإلغاء القوانين والتشريعات القمعية التي تُحكم بها البلاد وما ترتب عليها من آثار وأهمها الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين الذين يعانون في السجون بسبب المنظومة القانونية المشوهة، والقضاء المسيس.