روى صحفيون كانوا مرافقين لمراسلة قناة الجزيرة، الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، تفاصيل استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لها، خلال تغطية عدد من الصحفيين لاقتحام “حي الجابريات” على أطراف مخيم جنين، شمال الضفة.
وقالت الصحفية شذى حنايشة، إنها “كانت من أقرب الصحفيين لشيرين لحظة سقوطها على الأرض بعد إصابتها بالرصاص”.
وأضافت: “كنّا نحتمي بجدار، وقد ارتدينا جميعا الدرع الواقي والخوذ على رؤوسنا، حتى يميزنا جيش الاحتلال الذي كان يحاصر منزلاً، ولم يكن هناك أي مواجهات على الإطلاق”.
ولفتت إلى سماعهما صوت إطلاق رصاص، “فتبين أن رصاصة أصابت الزميل الصحفي علي سمودي، ووقع على الأرض، فبدأت شيرين بالمناداة عليه، وفجأة هَوَت هي على وجهها دون حراك”.
وتابعت: “في تلك اللحظة لم نتمكن من الاقتراب من شيرين، حيث لم يتوقف جنود الاحتلال عن إطلاق النار على الصحفيين، ما يؤكد تعمدهم استهداف الطواقم الصحفية، واستهداف شيرين بشكل مباشر”.
وأردفت: “منعتنا القوات الإسرائيلية من إسعاف شيرين، حتى جاء شاب من بعيد وحملها إلى سيارة قريبة”.
من جهته سرد المنتج علي سمودي، الذي أصيب قبيل استهداف شيرين أبو عاقلة، روايته لما جرى، قائلاً: “توجهنا (طاقم قناة الجزيرة) لمدينة جنين في 6 من مايو/أيار 2022، بعد ورود أنباء عن نية الجيش الإسرائيلي تنفيذ اقتحام للمخيم، ومنذ ذلك الحين كنا برفقة أربعة زملاء من قناة الجزيرة، بمن فيهم شيرين أبو عاقلة؛ لنقل صورة الحدث عما سيجري في المخيم”.
وأضاف: “في تمام الساعة السادسة من صباح اليوم الأربعاء، وردتنا أنباء عن قيام قوات إسرائيلية خاصة بالدخول إلى المخيم من المنطقة الغربية، وتحديداً في المنطقة المعروفة بمقبرة الشهداء، وفور وصولنا للحدث ترجلنا من السيارة بعد أن أخدنا احتياطات الأمان والسلامة، وقمنا بارتداء الدرع والخوذة التي يظهر عليها شعار الصحافة باللغتين العربية والإنجليزية”.
وتابع سمودي: “ترجلنا من السيارة، وسرنا مشياً على الأقدام وسط الشارع الرئيس لمقبرة الشهداء لمدة 20 دقيقة، حتى يرانا الجنود الإسرائيليون بشكل واضح، حيث كانوا على مسافة لا تزيد عن 500 متر من المكان الذي كنا نستعد فيه لنقل بث مباشر لما يجري أثناء الاقتحام”.
وواصل حديثه: “دقائق قليلة حتى سمعنا صوت الرصاص ينهمر علينا من جهة تمركز جنود الاحتلال، الذين كانوا على أسطح البنايات المقابلة لنا، وسط صراخ المواطنين الفلسطينيين الذين نادوا علينا: انبطحوا أرضاً، القناصة يستهدفونكم”.
وزاد السمودي: “أصبت برصاصة في أسفل الظهر، وصرخت شيرين: (علي أصيب.. علي أصيب)، ولم تمضِ ثوانٍ قليلة حتى سقطت شيرين أرضاً بعد أن غطت الدماء وجهها، وقام أحد الزملاء بسحبنا إلى جدار المقبرة لحمايتنا من رصاص الجنود، الذي استمر لأكثر من 10 دقائق دون توقف.
وقال: “نجوت بأعجوبة من موت محقق بعد أن أصابتني رصاصة في أسفل الظهر، ولكن الأطباء وصفوا حالتي بالمتوسطة، ولكن تشخيص الحالة يستدعي المبيت في المشفى لعدة أيام؛ للتأكد من عدم وجود أية مضاعفات في الساعات القادمة”.
ورداً على مزاعم إسرائيلية بأن “أبو عاقلة” أصيبت برصاص مقاومين فلسطينيين، أو كانت موجودة في منطقة حدث فيها تراشق للنيران بين الاحتلال والمقاومين، قال سمودي إنه “لم يكن هناك مقاومون ولا مسلحون ولا راشقو حجارة؛ لأننا كنا في منطقة مكشوفة”.
وأضاف أن “قوات الاحتلال لم تطلب منا الخروج من المكان كما جرى في مرات سابقة، وكان بإمكانهم أن يبلغونا بأن هناك منطقة عسكرية مغلقة، ولكن لم يفعلوا”.
وأكد “أننا نلتزم بتعليمات سلطات الاحتلال، وأخذنا الموافقة الإسرائيلية على تحركاتنا، وبعد أن شاهدونا أطلقوا النار علينا، وكان الهدف القتل، رغم أننا التزمنا بكل الإرشادات للحفاظ على حياتنا ومهنيتنا”.
من جهته؛ قال الصحفي مجاهد السعدي، الذي كان موجوداً قرب “أبو عاقلة” خلال عملية استهدافها، أن “شيرين أصيبت تحت الأذن”، ما يؤكد أن “الاستهداف كان واضحاً لها، وللصحفيين عموماً”.
وفي وقت سابق اليوم الأربعاء؛ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل الصحفية شيرين أبو عاقلة، إثر إصابتها برصاصة أطلقتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال تغطيتها اقتحام حي الجابريات، القريب من مخيم جنين (شمال الضفة).
وفي الاعتداء الإسرائيلي ذاته؛ أصيب الصحفي علي سمودي برصاص جيش الاحتلال في ظهره، ووصفت إصابته بالمستقرة.
يشار إلى أن شيرين أبو عاقلة من أوائل المراسلين الميدانيين لقناة الجزيرة، وطيلة ربع قرن كانت في قلب الخطر لتغطية حروب وهجمات واعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.