“الأمن الوطني يقتلني… أعاني من آلام مريعة .. سأموت خلال أيام”… هذه الكلمات هي أجزاء من رسالة مؤلمة للمعتقل المصري المصاب بالسرطان جهاد سليم التي استطاع تسريبها لعائلته من داخل محبسه في سجن أبو زعبل المصري، حيث وصلت حالته الصحية لمرحلة متأخرة لا يمكن السيطرة عليها دون تدخل جراحي، وهو ما ترفضه إدارة السجن.
المعتقل الشاب جهاد عبد الغني محمد سليم (33 عاماً – أب لطفلين) يعاني من ورم سرطاني في البلعوم، يمنعه الأكل أو الشرب، ووصلت حالته الصحية إلى مرحلة متدنية، وبعد عرضه على طبيب مختص قبل في المعهد القومي للأورام أخبره أن علاج حالته مستحيل دون تدخل جراحي، وأنه “قد يفارق الحياة خلال أيام في حال لم يتم إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم الذي أغلق الحلق بصورة نهائية”، وعلى الرغم من ذلك يرفض الأمن الوطني كل مساعي الإفراج الصحي عنه بحسب القانون لتتمكن أسرته من علاجه على نفقتها، كما ترفض إدارة السجن التكفل بجراحته العاجلة المطلوبة.
وهذا بعض محتوى رسالة المعتقل: ” لا تحزنوا .. لم أرتكب أي جرم .. ولا أستحق أن أكون هنا .. لكن الأمن الوطني يقتلني .. اعتنوا بأبنائي وأذكروني .. كنت أود أن أراكم وأشعر بعناقكم في هذه الأيام الصعبة ..أشعر أنني أحتضر .. عُرضت على الطبيب في معهد الأورام أخبرني أنني لن أعيش أكثر من عشرة أيام .. دون تدخل جراحي عاجل.. لا تتعبوا أنفسكم .. أعتقد أن لا أحد يستطيع أن يفعل لي شيئا الآن”
وكان “سليم” قد اعتُقل سبتمبر/أيلول 2015 على خلفية قضية سياسية تتعلق بمعارضة النظام، ثم أصيب بورم سرطاني في اللسان قبل حوالي عام ونصف، ثم تفاقم وضعه الصحي وانتشر الورم في منطقة الفم والبلعوم وجزء من رأسه نتيجة للإهمال الطبي وتعنت إدارات السجون التي تنقل بينها -الزقازيق العمومي وأبو زعبل- في توفير الرعاية الطبية اللازمة له، والتأخر في عرضه على الطبيب، وحرمانه من العلاج، وفي المقابل رفض طلبات عائلته لعلاجه على نفقتها الخاصة في مستشفيات متخصصة.
قبل حوالي ثلاثة أشهر قرر الأطباء المسؤولون ضرورة خضوعه لعملية جراحية لاستئصال الورم، لكن جهاز الأمن الوطني المصري والمسؤول عن متابعة كل ما يتعلق ـ بالمعتقلين السياسيين في مقار الاحتجاز المصرية ـ رفض الاستجابة، لتنتشر الأورام بجسده، وتتضاعف آلامه بصورة لا يمكنه تحملها كما تصف عائلة جهاد.
ومنذ اعتقاله عانى “سليم” من سلسلة من الانتهاكات الجسدية والنفسية على يد السلطات الأمنية والقضائية في البلاد، إذ اعتقل قبل حوالي سبع سنوات، وتعرض للاختفاء القسري لمدة 30 يوماً ذاق خلالها صنوف مختلفة من التعذيب من أجل إجباره على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها، وبعد سنوات من الحبس الاحتياطي حُكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً بعد محاكمة مسيسة افتقرت لأدنى معايير المحاكمات العادلة.
إن منظومة السجون المصرية تعاني من سمعة سيئة وأوضاع احتجاز غير إنسانية، ينتشر فيها الفساد والتلوث وسوء المعاملة، ويُحتجز “سليم” داخل واحد من أكثر تلك السجون سوءا، وهو سجن أبو زعبل الذي سبق ونُفذت فيه مذبحة سيارة ترحيلات الشهيرة عام 2013، حيث قُتل 38 معتقلاً من السياسيين المعارضين للنظام.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تؤكد على أن السلطات المصرية تتحمل مسؤولية الحالة الصحية المتردية التي يعاني منها المعتقل المصري “جهاد سليم”، مشددة على أن ما يتم بحقه حاليا هو عملية شروع في قتل متعمدة.
وتدعو المنظمة كافة المؤسسات الحقوقية والإعلامية، الصحفيين، النشطاء، المدافعين عن حقوق الإنسان إلى التدوين والنشر حول “جهاد سليم” ومحاولة تكوين رأي عام ضاغط للإفراج عنه وتمكينه من العلاج، وإنقاذ حياته من الخطر الذي يحيق بها.