قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أنه في ذكرى اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري فشل المجتمع الدولي حتى الآن في استحداث آلية تضع حداً لتلك الجريمة الخطيرة، التي تمارسها غالبا الأنظمة القمعية أو الميليشيات التابعة لها حول العالم بحق معارضيها.
كان ينبغي على الجهات الفاعلة في المجتمع الدولي وصناع القرار في العالم اتخاذ خطوات جادة للقضاء على جريمة الاختفاء القسري، التي تعد جريمة ضد الإنسانية وفق تعريفات الأمم المتحدة والقوانين الدولية، لكن بدلا عن ذلك ظلت تلك القوانين حبرا على ورق ، وبدا أن المجتمع الدولي قد ابتعد أكثر عن قيم حقوق الإنسان عبر احتضانه أنظمة تنتهج تلك الجريمة بحق مواطنيها.
في المنطقة العربية في الوقت الحالي لا يزال الاختفاء القسري السلاح الأكثر قسوة لكسر إرادة المعارضين، وترهيب عائلاتهم وإدخالهم في دوامة من المعاناة لا تنتهي خلال رحلة البحث عن ذويهم، ومحاولة إجلاء مصيرهم.
في مصر على سبيل المثال لا يكاد ينجو معتقلاً سياسياً من التعرض للاختفاء القسري لفترات متفاوتة قد تمتد لسنوات في بعض الحالات، ووفق أقل التقديرات يقبع في السجون المصرية 60 ألف معتقلاً على خلفية قضايا سياسية، معظمهم تعرض للاختفاء القسري بينما يظل نحو 20 شخصاً -على الأقل- في عداد المفقودين منذ تولي النظام الحالي السلطة قبل 9 سنوات.
وفي ذات السياق يتعرض آخرون للاعتقال والاختفاء القسري قبل أن يتم الإعلان عن وفاتهم فيما بعد مع انكار النظام أي صله له بوفاتهم، مثلما حدث مع طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، والباحث الاقتصادي المصري أيمن هدهود، أو يظهرون بعد أشهر وهم يدلون باعترافات ملفقة على شاشات التلفاز تمهيدا لمحاكمتهم محاكمات جائرة ربما تنتهي بالحكم عليهم بالإعدام.
وفي سوريا، التي تشهد حرباً دامية منذ 2011، وفق تقديرات أولية فإن ما لا يقل عن 100000 شخصا، بينهم 3041 طفلاً و6642 امرأة لا يزالون قيد الاختفاء القسري منذ مارس/آذار 2011 الآن على يد النظام السوري أو الميليشيات الموالية لهم.
وفي العراق، قُدِّر عدد المختفين قسريا بأكثر من 23 ألف مختفي قسرياً في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى خلال عامين فقط، فيما تم تسجيل نحو 250 ألف مغيب في العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003.
وفي اليمن التي مزقتها الحرب، لا تزال الدعوات الحقوقية والنقابية وروابط أسر الضحايا لإجلاء مصير ذويهم مستمرة، حيث يقبع المئات من المدنيين داخل سجون أطراف الصراع المختلفة في السجون التابعة لقوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات، أو السجون التابعة للحوثيين.
في السعودية والإمارات والبحرين تنتهج أنظمة تلك الدول الاختفاء القسري بحق النشطاء والمفكرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، قبل تعريضهم لمحاكمات جائرة، تنتهي بالحكم عليهم بعقوبات قاسية، مع حرمانهم بشكل كامل من حقوقهم القانونية.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تشدد على ضرورة أن يصبح المجتمع الدولي أكثر فعالية في التعامل مع هذه الجريمة الخطيرة، وأكثر التزاما برفضها على كل المستويات، فلا يمكن لدول تدعي احترام قواعد حقوق الإنسان، أن تسمح بعلاقات طبيعية مع أنظمة تنتهج الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي لمعارضيها.