عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا -مساء الجمعة 23 سبتمبر/أيلول- ندوة حول معاناة المعتقلين السياسيين داخل السجون الإماراتية بحضور عدد من النشطاء والأكاديميين والمحللين السياسيين والذين بدورهم قاموا بتسليط الضوء على الانتهاكات المختلفة التي يتعرض المعتقلون وكذلك القيود المتزايدة التي يفرضها النظام على الحريات داخل الدولة.
وشارك في الندوة كل من: الناشط والحقوقي رائد جرار – مدير قسم المناصرة في منظمة الديموقراطية الآن للعالم العربي، والبروفسور في القانون الدولي وعضو المجلس الاستشاري للرئيس السابق دونالد ترامب غابرييل صوما، و بيل لو – محرر آراب ديجست ومحلل شؤون الخليج السابق في BBC، و المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان السيد/خالد إبراهيم، والناشط الإماراتي البارز أحمد الشيبة النعيمي.
بدأت الندوة بكلمة ممثل المنظمة جو هاينز، الذي بدوره أكد أن الحريات المدنية في الإمارات “تخضع لقيود مشددة”، مضيفًا أن “السلطات الإماراتية تضايق بشكل روتيني نشطاء حقوق الإنسان والمؤيدين للديمقراطية سواء بالملاحقة أو الاعتقال”.
كما تحدث هاينز عن ظروف الاحتجاز المروعة في الإمارات، لافتًا إلى أنها قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان كما حدث مع المعتقلة الراحلة علياء عبد النور، التي لاقت حتفها عام 2019 بعد أربع سنوات من الاعتقال التعسفي والإهمال الطبي إذ كانت تعاني من مرض السرطان.
المعاملة القاسية واللاآدمية التي يتلقها المعتقلون في السجون الإماراتية قد تؤدي إلى التفكير في الانتحار أحيانًا، كما حدث مع المعتقلة الحالية مريم سليمان البلوشي، والتي حاولت الانتحار قبل عامين بسبب الإهانات المتكررة والانتهاكات المتزايدة داخل السجن.
أبرز نشطاء حقوق الإنسان في الإمارات، أحمد منصور، لا يزال كذلك محتجزًا في الحبس الانفرادي في سجن الصدر، عقب اعتقاله عام 2018، يعاني من ظروف وحشية مثله مثل نشطاء آخرين كالمحامي الدكتور محمد الركن والأكاديمي ناصر بن غيث
في كلمته، بدأ السيد رائد جرار بانتقاد دور الولايات المتحدة في دعم الانتهاكات الإماراتية ضد حقوق الإنسان عبر الدعم السياسي والمساعدات العسكرية.
وأضاف أن منظمته “الديموقراطية الآن للعالم العربي” تحاول جاهدة توثيق كل ما يتعرض له النشطاء والمعارضين في الإمارات من ظلم، متابعًا “تستخدم الإمارات قوانين مكافحة الإرهاب لانتهاك حقوق الإنسان وإيجاد مبررات لإبقاء المعارضين في السجن لفترة أطول”.
أما البروفوسير غابرييل صوما قال إنه من واقع خبرته في العمل في قلب وزارة الخارجية الأمريكية فإن للإمارات العربية المتحدة سجلًا سيئًا فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وأوضح السيد صوما أن “النظام الإماراتي يفرض قيودًا مشددة على الحريات الأساسية، مثل حرية التعبير عبر الإنترنت ووسائل الإعلام، وكذلك حرية التجمع”، مشيرًا إلى أن “نشطاء حقوق الإنسان في الإمارات يتعرضون للاعتقال والتعذيب بسبب آرائهم السياسية”.
وأشار السيد صوما إلى أن “الإمارات من الدول التي رفضت التوقيع على معاهدات دولية تتعلق بحقوق الإنسان، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، بل على العكس تمامًا “تستخدم السلطات الإماراتية الاختفاء القسري والتعذيب كوسيلة للانتقام من المعتقلين السياسيين”.
وحذر السيد صوما من أنه توجد احتمالية كبيرة أن تكون المحكمة الجنائية الدولية متورطة في انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في الإمارات العربية المتحدة.
مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان السيد/ خالد إبراهيم بدأ حديثه منتقدًا وضع حقوق الإنسان في الإمارات، لافتًا أن “المدافعون عن حقوق الإنسان والنشطاء المعتقلون في الإمارات العربية المتحدة يُعاملون معاملة أسوأ من المجرمين”، على حد قوله.
وأضاف إبراهيم أن “النظام الإماراتي ينتهك الحريات العامة مثل حرية التعبير وحرية التجمع بصورة متزايدة”، مضيفًا أن “النظام الإماراتي لا يستهدف المعارضين والنشطاء وحسب، بل يستهدف عائلاتهم بالملاحقة والمضايقات أيضًا”.
وحول استمرار احتجاز معتقلين سياسيين ومعارضين رغم انتهاء محكوميتهم، أوضح السيد إبراهيم إنه يوجد “على الأقل نحو 48 معتقلًا سياسيًا داخل السجون الإماراتية لم يتم الإفراج عنهم رغم انتهاء محكوميتهم”، لافتًا إلى أن هؤلاء المعتقلين “يُنقلون إلى ما يسمى بمراكز المناصحة” بحجة إعادة التأهيل الفكري.
وأكد السيد إبراهيم أن “الإمارات العربية المتحدة تتبنى سياسة وحشية ضد حقوق الإنسان، وهو أمر يتفق عليه الجميع”، متابعًا “على مدى السنوات الماضية، طورنا عددًا من الاستراتيجيات القانونية ضد عدد من المسؤولين الإماراتيين لدورهم تعذيب المعتقلين والمعارضين، مثل الناشط أحمد منصور، الذي لا يزال محتجزًا في ظروف وحشية”.
كما تحدث السيد إبراهيم عن عدد من المعتقلين السياسيين في الإمارات، مثل الناشط البارز أحمد منصور الذي اعتقل عام 2017 ولا يزال محتجزًا الآن في الحبس الانفرادي دون سرير أو كتاب، كما أنه يعاني من الإهمال الطبي.
وأضاف “في الوقت الذي احتفى العالم أجمع بالأكاديمي والمدافع عن حقوق الإنسان الدكتور محمد الركن، قررت السلطات الإماراتية اعتقاله ومحاكمته”.
وحول النساء المعتقلات، تحدث السيد إبراهيم عن معاناة المعتقلتان أمينة العبدولي ومريم سليمان البلوشي، اللتان اعتقلتا بتهمة “نشر أخبار كاذبة والإخلال بالأمن العام، مشيرًا أنهما لا تزالا محتجزتان بالرغم من انتهاء مدة عقوبتهما.
أما الصحفي البارز بيل لو– محرر آراب ديجست ومحلل شؤون الخليج السابق في BBC، فقد أفرد جزءاً كبيرًا من كلمته للحديث عن الناشط المعتقل أحمد منصور، كونه أحد أصدقائه المقربين الذين سُجنوا ظلمًا لدفاعهم عن حقوق الإنسان، لافتًا أن لديه عدد كبير من الأصدقاء المحتجزين لدى الأنظمة الخليجية بسبب تعبيرهم عن رأيهم.
وأضاف السيد/لو أن ” أحمد منصور كان رجلًا يحب وطنه.. جريمته أنه كان يحارب من أجل الديموقراطية وحرية التعبير”، متابعًا ” يدفع أحمد منصور حاليًا هو وأسرته ثمنًا باهظًا بسبب دفاعهم عني حقوق الإنسان منذ عام 2011″.
وتابع السيد/لو “النظام الإماراتي اشترى تقنيات متطورة للغاية لتشديد القيود على حرية التعبير وملاحقة نشطاء حقوق الإنسان”.
وعن الدعم الدولي المتزايد للسلطات الحاكمة في الإمارات، قال بيل لو إن “النظام الإماراتي يزيد من قمعه لضمانه الإفلات التام من العقاب”، مؤكدًا أنه “من الصعب تحقيق أي تقدم على مستوى ملف حقوق الإنسان في الإمارات طالما حكوماتنا مستمرة في دعم هذه الدول الاستبدادية”.
في ختام الندوة، تحدث المعارض الإماراتي البارز والمدافع عن حقوق الإنسان السيد/أحمد الشيبة النعيمي عن معاناته ومعاناة عائلته على يد النظام الإماراتي بسبب نشاطه ونشاط شقيقه المعتقل في المجال السياسي والحقوقي.
وبدأ السيد النعيمي حديثه قائلًا “عشر سنوات مرت الآن على عريضة الإصلاح وحالة حقوق الإنسان في الإمارات في تدهور مستمر”، مؤكدًا أن” الضحايا الحقيقيون الذين يعانون في الإمارات هم أقارب المدافعين عن حقوق الإنسان والسجناء السياسيين… الناشطة الراحلة آلاء الصديق التي توفيت في لندن قبل عامين خير مثال على ذلك”.
وأوضح السيد النعيمي أنه “في الإمارات يُمكن أن تُعتقل بسبب تغريدة على الانترنت… والعائلات تدفع الثمن، عائلتي على سبيل المثال تعاني الآن في الإمارات، إنهم ممنوعون من السفر”.
وتابع “حتى المواطنين الإماراتيين الذين يعيشون ويعملون في الخارج هم أهداف محتملة للمراقبة والمضايقة وغيرها من الانتهاكات المماثلة”.
واختتم السيد النعيمي كلمته بالحديث عن معاناة الناشط والأكاديمي المعتقل الدكتور ناصر بن غيث داخل السجون الإماراتية، مشيرًا إلى أنه اعتقل في الأساس “بسبب نشره تغريدة تنتقد وضع حقوق الإنسان في مصر”.