أدانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بأشد العبارات قرار الحكومة التونسية الأخير بإصدار مذكرات اعتقال دولية ضد 12 شخصًا، من بينهم رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد ومديرة المكتب الرئاسي السابقة نادية عكاشة، محذرة أن هذا التصعيد الخطير ينذر ببدء النظام التونسي مرحلة جديدة من القمع العابر للحدود.
وأوضحت المنظمة أن القضاء التونسي، تحت ستار مكافحة الإرهاب، كان قد أصدر في وقت سابق من الأسبوع الحالي أوامر اعتقال دولية في حق هؤلاء الأشخاص بتهم “تشكيل تحالف إرهابي” و”التآمر على أمن الدولة”.
ولفتت المنظمة أن هذه الإجراءات هي امتداد للآثار القمعية للقرار الاستبدادي الذي اتخذه الرئيس قيس سعيد في يوليو/تموز 2021 بحل البرلمان والاستيلاء على السلطات التنفيذية، أعقبه حملة موسعة ضد المعارضين السياسيين والنشطاء الحقوقيين، وانتهاكات بالجملة ضد حقوق الإنسان داخل البلاد.
القمع العابر للحدود
يشكل إصدار مذكرات الاعتقال الدولية تصعيدًا خطيرًا في الحملة التي تشنها الحكومة التونسية لخنق المعارضة وترهيب المعارضين السياسيين، ليس فقط داخل حدودها، بل امتدت للخارج، في مثال واضح على القمع العابر للحدود الذي تمارسه الآن عدد من الأنظمة المستبدة في المنطقة على رأسها السعودي والإماراتي، إذ توسع هذه الأنظمة تكتيكاتها القمعية إلى ما هو أبعد من حدودها الإقليمية لإسكات واضطهاد المعارضين المقيمين في بلدان أخرى.
إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي
في سياق متصل، حذرت المنظمة إلى خطورة إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي لارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان، لافتة إلى القضية المتهم بها عن رئيس حركة النهضة بالنيابة، منذر الونيسي، إذ واجهته السلطات بتسجيل صوتي له وهو يدلي بتصريحات اعتبرتها السلطات دليل إدانة على صلاته بالإرهاب والمشاركة في زعزعة استقرار البلاد.
وحسب أقوال الونيسي فإن هذه التسجيلات مفبركة ولا صحة لها، وطالب بإجراء اختبار صوتي لفحص البصمة الصوتية والوقوف على حقيقة هذه التسريبات، بالإضافة إلى ذلك فإن فريق الدفاع الخاص به حذر من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتسجيل تصريحات تطابق بصمة صوت الونيسي، لافتًا أن البلاد تفتقر إلى الأجهزة المتقدمة التي قد تفصل في الأمر.
وعبرت المنظمة عن قلقها إزاء التقارير التي تشير إلى احتمالية إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي لتلفيق الأدلة والتلاعب بالتسجيلات الصوتية، مشددة على أن مثل هذه الممارسات ليست غير أخلاقية فحسب، بل تشكل أيضًا تهديدًا خطيرًا لنزاهة العملية القضائية وحقوق الإنسان للمعتقلين.
قضايا ذات دوافع سياسية
وبينت المنظمة أن القضايا المتهم على خلفيتها الأشخاص الصادر ضدهم أوامر اعتقال دولية هي في الأساس قضايا ذات دوافع سياسية، مؤكدة أن استخدام قوانين مكافحة الإرهاب وأوامر الاعتقال الدولية لاستهداف المعارضين السياسيين يعد إساءة استخدام جسيمة للسلطة وانتهاكًا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والحكومات الديمقراطية إلى إدانة هذه الممارسات الظالمة والتعسفية التي تقوم بها الحكومة التونسية.
وحثت شركات التكنولوجيا على توخي الحذر بشأن الآثار الأخلاقية لتقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، والتي لا ينبغي استخدامها لتسهيل انتهاكات حقوق الإنسان، مشددة على أن استخدام الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة يُعد مثالًا مخيفًا على كيفية قيام الأنظمة الاستبدادية باستخدام التكنولوجيا كسلاح لقمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان.