وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا استغاثة عاجلة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتدخل الفوري واتخاذ إجراءات ملموسة وفعالة لوضع حد للأزمة الإنسانية في قطاع غزة، والمتصاعدة منذ بداية الحصار الإسرائيلي الجائر الممتد منذ أكثر من 17 عامًا.
رسالة المنظمة جاءت في أعقاب القرار الإسرائيلي التعسفي بوقف صادرات منتجات وبضائع قطاع غزة، وهو قرار كارثي سيكون له أثر سلبي بالغ على القطاعات التي تعتمد على التصدير، خاصة قطاعات الزراعة والصيد والملابس التي يعتمد عليها سكان القطاع كمصادر رئيسية للدخل، ومع وجود الحصار والقيود المفروضة على حرية التنقل لن يجد الأهالي أي مصادر للرزق.
وحذرت المنظمة من الآثار السلبية الخطيرة لهذا القرار الذي سيضاعف معاناة سكان قطاع غزة وسيهدد قدرة العديد من المصانع والمؤسسات بما يساهم في فقد العاملين لوظائفهم، بما يؤثر إجمالا على كافة سكان القطاع الذين يحيون في ظروف إنسانية صعبة للغاية، إذ يعاني 61% تقريبا من سكان القطاع من الفقر بينما يعاني 47% من البطالة.
وبينت الرسالة المنظمة أن القرار يهدد قطاع الزراعة بشكل كبير، إذ تشكل الصادرات الزراعية وحدها حوالي 85% من إجمالي الصادرات، كما يهدد قطاع الصيد بالكامل، حيث تنتج غزة حوالي 80 طنا من الأسماك بشكل شهري، ومن المتوقع أن تبلغ خسائره نسبة 50%، ومن الممكن ألا يتمكن معظم الصيادين من توفير التكلفة التشغيلية لمراكبهم في ظل هذه الأزمة.
وبناء على ذلك فإن الخسائر تهدد حوالي 60 ألف أسرة يعمل أفرادها في مجالي الصيد والزراعة، كما تهدد القرارات الإسرائيلية 70% من العاملين في قطاع الغزل والنسيج الذي يضم نحو 290 مصنعا و100 شركة يعمل فيها 9000 عامل.
ولفتت المنظمة أن القرار الجائر يأتي ضمن سياسة منهجية يتبعها الاحتلال الإسرائيلي ضد أهالي القطاع منذ عام 2006 حين فرض حصارًا جائرًا عليها لا يزال مستمر حتى الآن، شل عبره حركة التنقل من وإلى القطاع، ودمر خلاله البنى التحتية المختلفة في قطاعات التعليم والصحة والمرافق الأساسية كالكهرباء والماء، فضلًا عن التضييق على عملية دخول المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها أكثر من 80٪ من سكان القطاع، بالإضافة إلى الهدم المتكرر للمنازل خلال الهجمات الجوية.
الرسالة سلطت الضوء كذلك على المعاناة المزدوجة لأهالي القطاع من خلال القيود المفروضة عليهم من قبل الجانب المصري، الذي بدوره يعزز المعاناة ويفاقم آثارها، إذ يرفض النظام المصري بدوره خروج ودخول أهل غزة في معظم الأحيان حتى ولو كانت الأسباب ضرورية كالعلاج الطبي أو التعليم أو لم شمل، بالإضافة إلى الانتهاكات التي يرتكبها حرس الحدود المصري ضد الصيادين الغزاويين، وهي ذاتها التي يعانون منها على يد الاحتلال الإسرائيلي.
الحق في الحياة كان أبرز الحقوق التي تنتهكها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي فردت لها الرسالة مساحة الخاصة، وذلك من خلال الهجمات الجوية المتكررة والعدوان الغاشم الذي يتكرر مرة كل عام على الأقل، وخلف ورائه أكثر من 4500 قتيل منهم أكثر من 1000 طفلًا، فضلًا عن عشرات الآلاف من المصابين جزء كبير منهم أصيب بعاهات مستديمة، ولا يحق لهم تلق الرعاية الطبية اللازمة بسبب قيود الحركة المفروضة على أهالي القطاع.
إن سكان غزة، الذين يعانون بالفعل من الآثار طويلة المدى للحصار، يواجهون الآن العواقب المباشرة لهذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مع احتياجات عاجلة تتعلق بالصحة والمأوى وسبل العيش والمساعدات المادية والأدوية والإمدادات الغذائية الأساسية التي تم وقفها بسبب تعنت الاحتلال الإسرائيلي.
وأكدت المنظمة أن مسؤولية رفع الحصار عن قطاع غزة وإيجاد حلول عاجلة للأزمة الإنسانية المتصاعدة، والتي تُعد من أشكال العقاب الجماعي الذي يفرضه الاحتلال على الفلسطينيين، تقع على عاتق المجتمع الدولي بما فيه الدول العربية والإسلامية، مشددة على ضرورة اتخاذ حلول ملموسة لوضع حد لهذه المعاناة، ومحذرة من أن الصمت الدولي يشكل ضوءًا أخضرًا للاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب المزيد من جرائمه الوحشية ضد الشعب الفلسطيني المكلوم.