بوفاة قاسم يرتفع عدد المتوفين والقتلى داخل مقار الاحتجاز المصرية في عهد النظام الحالي إلى 788 شخصاً
مازالت السلطات المصرية ماضية في نهجها الدموي فيما يتعلق بإداراتها مقار الاحتجاز، لتحول تلك المقار إلى مقاصل إعدام تقتل المعتقلين قتلا بطيئا، فتلك المقار لا تصلح أصلا لاحتجاز البشر بالإضافة إلى ممارسات إدارات السجون القمعية بحق المعتقلين أبرزها الإهمال الطبي والحرمان من الحقوق الأساسية.
مساء الاثنين 13 يناير/كانون الثاني الجاري لفظ المعتقل الأمريكي ـ المصري المضرب عن الطعام مصطفى قاسم عبد الله (مواليد 11 فبراير/شباط 1965) أنفاسه الأخيرة داخل مقر احتجازه بمجمع سجون طرة المصري بعد تدهور حالته الصحية وعدم تداركه بالعلاج المناسب لحالته، ورفض الإفراج الصحي عنه بحسب ما ينص عليه قانون تنظيم السجون.
وكان مصطفى قاسم قد تعرض للاعتقال بشكل عشوائي من محيط ميدان رابعة العدوية بتاريخ 14 أغسطس/آب 2013، تزامنا مع مجزرة فض رابعة العدوية، وكان وقتها يعاني من مرض السكري (الدرجة الأولى)، وهو أحد السبعة الناجين من مجزرة سيارة الترحيلات التي قُتل فيها 37 معتقلا بتاريخ 17/8/2013، واستمر قيد الحبس الاحتياطي لمدة خمس سنوات، حتى حُكم عليه في سبتمبر/أيلول 2018 بالسجن المشدد 15 عاما في محاكمة عبثية افتقرت لأي من معايير العدالة الجنائية ودون أي دليل مادي، مما دفع قاسم إلى الدخول في إضراب عن الطعام وفي المقابل لم تكترث إدارة مقر احتجازه بتردي حالته الصحية حتى وافته المنية.
وفي إفادتها للمنظمة قالت أسرته “مصطفى كان يعاني من مرض السكري-درجة أولى وكذلك من اضطرابات في عمل الغدة الدرقية قبل اعتقاله، وبعد الاعتقال أثرت ظروف الاحتجاز غير الآدمية على عمل وظائف الكبد وأصيب بفيروس A، وتدهورت حالته الصحية بصورة كبيرة مع تجاهل تام من إدارات مقار الاحتجاز التي تنقل بينها منذ اعتقاله (سجن استقبال طرة، سجن تحقيق طرة) والتي كانت تتعمد إهماله طبياً مع التعنت في إدخال الأدوية اللازمة له، حيث لا يتم إدخالها إلا بصعوبة، وكذلك كان محروماً من التريض ومن الزيارة معظم الوقت، وفي حالة كان يُسمح لنا بالزيارة كان يتم نقله من سجنه إلى سجن العقرب لتتم الزيارة هناك، وبعدها يتم إعادته مرة أخرى إلى مقر احتجازه”.
وتابعت الأسرة “بعد الحكم عليه بالسجن 15 عاماً في قضية فض رابعة بتاريخ 07 سبتمبر/أيلول 2018، أعلن مصطفى اضرابه عن الطعام اعتراضاً على الحكم دون وجود أي أدلة ضده، ونتيجة لذلك تدهورت حالته للصحية وبدأ يُصاب بغيبوبة سكر باستمرار، كما أصيب بهزال عام، مع إهمال إدارة السجن إسعافه في أغلب المرات.
في مايو/أيار 2019 تم نقله أخيراً لمستشفى سجن ليمان طرة، ولكنه عانى هناك من عدم جاهزية المكان ومن إهمال الأطباء والممرضين، الإضافة إلى احتجازه داخل غرفة غير نظيفة وملوثة مليئة بالحشرات، بالإضافة إلى إهمالهم مواعيد الدواء، وتجاهل إعطائه الجرعات المطلوبة معظم الوقت.
تم السماح لنا بزيارته في 07 يناير/كانون الثاني، وكانت حالته الصحية سيئة للغاية، حيث أصيب بأمراض جلدية، مع تقيؤ مستمر، في ظل إهمال تام من الطاقم الطبي بالمستشفى”.
وأكدت المنظمة أن قاسم اضطر للتنازل بصورة نهائية عن الجنسية المصرية بعد أشهر من الحكم عليه بالسجن المشدد، محتفظاً بالجنسية الأمريكية فقط، ليستفيد من النص القانوني الذي يلزم السلطات المصرية بتسليم الأجانب المحكوم عليهم إلى بلدانهم، إلا ان السلطات المصرية، رفضت إنفاذ القانون بحقه.
بوفاة مصطفى قاسم يرتفع عدد المتوفون والقتلى داخل مقار الاحتجاز المصرية في عهد النظام الحالي إلى 788 شخصاً، بسبب الإهمال الطبي وسوء أوضاع الاحتجاز والتعذيب، بينهم 3 أشخاص توفوا منذ مطلع العام الجاري.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تؤكد على أن ما تشهده السجون المصرية من حالات وفاة متكررة، وبعد سلسلة استغاثات طويلة من ذوي أولئك المتوفين لإنقاذهم، وامتناع إدارات السجون عن تدارك المعتقلين المرضى بالعلاج اللازم، ورفض الإفراج الصحي عنهم، أو تمكين أسرهم من علاجهم على نفقتهم، هو دليل واضح على ان تلك الجرائم هي جرائم قتل عمدي مع سبق الإصرار.
إن المنظمة العربية لحقوق إنسان في بريطانيا تؤكد على أن استمرار أوضاع السجون على ذات الحال غير الآدمي، كفيل بحصد أرواح المزيد من المعتقلين، في ظل عدم وجود أي رقابة قضائية على تلك السجون، وفي ظل سد كافة مسارات الانتصاف القانوني للمعتقلين وذويهم.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو الأمين العام للأمم المتحدة والمقرر الخاص المعني بمسألة الاحتجاز التعسفي تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في حالات الوفاة المتكررة في مقار الاحتجاز المصرية والتي تحولت إلى مقاصل إعدام تشكل تهديداً واضحاً على حياة كافة المحتجزين بداخلها.