قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن بريطانيا تلعب دورًا بارزًا في تمكين جرائم الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة بسبب الدعم غير المشروط الذي تقدمه الحكومة عسكريًا ولوجستيًا، مشيرة إلى أنه بالرغم من الإدانة الدولية واسعة النطاق للعدوان الإسرائيلي وما يرافقه من انتهاكات جسيمة وفظاعات لا تحتمل، فقد اتبعت بريطانيا خطى الولايات المتحدة في محاولة عرقلة الدعوات لوقف إطلاق النار مع تكرار الشعار القائل بأن “إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها”.
ولفتت المنظمة إلى أن أعداد الضحايا المدنيين في القطاع المحاصر يتزايد بصورة مرعبة، إذ قارب عدد القتلى 9 آلاف شخصًا، بينهم أكثر من 3600، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 22 ألف شخص، فضلًا عن نزوح نصف عدد السكان تقريبًا، والبالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، كل هذا في ظل ظروف معيشية غير إنسانية، يُحرمون فيها من المياه والطعام والوقود بعد إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي فرض حصار كامل على الأهالي.
وبالرغم من تصاعد الأزمة الإنسانية، ووصولها لمستوى غير مسبوق من التعقيد يُنذر بكارثة، بسبب إصرار إسرائيل على انتهاك القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة، فإن موقف المملكة المتحدة ثابتًا لم يتغير فيما يتعلق بتقديم دعمًا غير مشروطًا لإسرائيل التي تعتبر الحليف الجيوسياسي الحيوي لعملياتها في الشرق الأوسط وكذلك العميل الرئيسي لتجارة الأسلحة البريطانية.
وعبرت المنظمة عن مخاوفها من أن الموقف الداعم لجرائم الاحتلال الإسرائيلي لا يقتصر فقط على حزب المحافظين الحاكم، بل يتفق حزب العمال المعارض، والذي من المتوقع على نطاق واسع أن يتولى السلطة في انتخابات العام المقبل، مع موقف الحكومة، خاصة بعد تصريح زعيمه السير كير ستارمر بأن وقف إطلاق النار لن يفيد سوى حماس.
في المقابل، يؤيد الرأي العام البريطاني بأغلبية ساحقة عملية وقف إطلاق النار، إذ أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة يوجوف مؤخراً أن 76% من البالغين البريطانيين يريدون وقفاً فورياً لإطلاق النار، في حين يعارض ذلك 8% فقط، كما رد الشعب في بريطانيا على العنف الإسرائيلي من خلال احتجاجات ضخمة في الشوارع – حيث ادعى منظمو مسيرة لندن الأخيرة أن نصف مليون خرجوا إلى الشوارع يوم السبت 28 أكتوبر/تشرين الأول.
وأوضحت المنظمة أنه بدلًا من الاستجابة للرغبة الشعبية، انتقدت وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا برافرمان، الاحتجاجات التي خرجت ضد ممارسات الاحتلال وتضامنًا مع أهالي غزة، ووصفتها بأنها “مسيرات كراهية”، ودعت الشرطة إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أولئك الذين يستخدمون شعارات تطالب بتحرير فلسطين.
وأكدت المنظمة أن التعبير عن التضامن والتعاطف مع المضطهدين لا ينبغي أبداً أن يُساوى بالتحريض، مشددة على أن مثل هذه الأوصاف التي لا أساس لها من الصحة، والتي تفتقر إلى أساس قانوني متين، تهدد بتقويض المبادئ الأساسية لحرية التعبير.
وحذرت المنظمة من أن إصرار الحكومة على تبني هذا المسار قد يؤدي إلى تحويل المملكة المتحدة إلى واحدة من الدول التي تمتلك سجلًا سيئًا فيما يتعلق بقمع الحريات، وبالتالي تعريض قيمها الديمقراطية الموقرة للخطر.
أضافت المنظمة أن حملة القمع الحكومية ضد التضامن مع الفلسطينيين أدت إلى إقالة العديد من السياسيين البارزين، إذ تم طرد بول بريستو، المساعد الوزاري في وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا، يوم الاثنين 30 أكتوبر/تشرين الأول، لأنه طلب من رئيس الوزراء الدعوة إلى إنهاء الصراع، وعلى نحو مماثل، تم تعليق عضوية النائب العمالي آندي ماكدونالد في حزبه لأنه قال للمحتجين المؤيدين للفلسطينيين: “لن نهدأ حتى تتحقق العدالة، وحتى يتمكن الجميع من العيش في حرية وسلام”.
وأوضحت المنظمة أن الأمثلة المذكورة أعلاه عن حملات القمع ضد المعارضة لا تظهر قوة الدولة البريطانية في دعم إسرائيل، بل ضعفها.
لقد وصل نفوذ بريطانيا العالمي إلى أدنى مستوياته منذ سنوات عديدة، ومن المرجح أن يكون استسلامها الكامل لإسرائيل – أو بمعنى أدق للولايات المتحدة – بمثابة عرض للولاء للنظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، فضلاً عن محاولة للحفاظ على مكاسبها المربحة من عقود الأسلحة مع إسرائيل.
وتدعو المنظمة العربية لحقوق الإنسان – المملكة المتحدة الحكومة البريطانية وجميع السياسيين إلى الدعوة إلى وقف إطلاق النار والاعتراف بأن هذا الصراع نشأ بعد عقود من الاحتلال والقمع والتطهير العرقي في فلسطين.
كما يدعو النظام القانوني إلى الالتزام بالقانون الوطني والدولي، ومقاومة القيود غير القانونية المفروضة على الحق في الاحتجاج والدعوة إلى السلام.
إن المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا تدعو وكالات إنفاذ القانون في المملكة المتحدة إلى البقاء ثابتة في التزامها بالقوانين المحلية والدولية، وتحثهم على وضع ولائهم لهذه المبادئ فوق التوجيهات الوزارية ذات المعايير المزدوجة، كما تناشد الشعب البريطاني إلى التمسك بموقفه المعارض للكارثة الإنسانية التي لحقت بشعب غزة، والمطالبة بمحاسبة كل متورط في هذه الإبادة الجماعية.