خلال العام 2015 انحدرت أوضاع حقوق الإنسان في اليمن بشكل كبير وارتُكبت العديد من الجرائم والإنتهاكات في إطار الحرب الدائرة حاليا حتى باتت حدثا يوميا متكررا.
خلال تلك الحرب قامت جماعة الحوثي وموالوها باستهداف الأحياء الآهلة بالسكان والأسواق الشعبية بكافة أنواع القذائف الغير موجهة كقذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، وقامت بزراعة ألغام في الأراضي الزراعية والطرق الفرعية، وقامت بقتل عدد كبير من المدنيين منهم نساء وأطفال عن طريق القنص.
تم رصد (8182) حالة قتل في كافة المحافظات التي شملها التقرير، بينهم (466) امرأة و(510) طفلاً، حيث بلغت نسبة النساء اللاتي قتلن في تلك الحرب 5.6%، وشهدت محافظة عدن أكبر عدد قتلى من النساء بواقع 189 امرأة، بينما شهدت محافظة تعز سقوط أكبر عدد قتلى من الأطفال بواقع 215 طفلاً، وبلغت نسبة القتلى من الأطفال في تلك الحرب في كافة المحافظات المذكورة 6.2%. وخلال ذات الفترة بلغ إجمالي عدد المصابين المدنيين (19782) شخصاً بينهم (967) امرأة و (1153) طفل.
كما بلغ عدد المدنيين الذين تعرضوا للإختفاء القسري من قبل مسلحي جماعة الحوثي وموالوهم من القوات الموالية للرئيس السابق (6250) شخصاً، رجال ونساء وأطفال وسياسيين وإعلاميين، تم استخدام بعضهم كدروع بشرية في المواجهات المسلحة، بعضهم تم طلب فدية مالية من أسرهم لقاء إطلاق سراحهم، كما تعرض أغلبهم للتعذيب، بالإضافة إلى استمرار اختفاء المئات منهم حتى الآن دون توافر أي معلومات عن مصيرهم.
وشملت الحرب اعتداءات متكررة على الممتلكات العامة والخاصة، حيث تم تفجير مئات المنازل ودور العبادة ومقرات الأحزاب السياسية وإحراق منازل وقصف عشوائي للملاعب والأندية الرياضية والمواقع الأثرية السياحية بلغت جميعا 3769 مرفقا عاما، بالإضافة إلى 27091 منشئة خاصة.
ومنذ بداية الحرب عمد مسلحي جماعة الحوثي وموالوهم إلى قمع حرية الصحافة والإعلام فاقتحموا مبنى التلفزيون الرسمي اليمني (قناة اليمن) في العاصمة صنعاء، ثم تكررت ذات الاعتداءات على مجموعة من القنوات والإذاعات والصحف الرسمية والأهلية، وبحسب إحصائيات لنقابة الصحفيين فإن المسلحين الحوثيين قاموا بحجب 120 موقع الكتروني، وإغلاق 9 قنوات، 8 إذاعات، كما تم مصادرة وإغلاق 60 صحيفة ومنعها من النشر.
حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي لم تكن بمنأى عن الإعتداءات ،أكثر من 60 وقفة احتجاجية على الأقل خلال العام 2015م تعرضت للقمع من قبل مسلحي الحوثي، فيما نفذت عمليات اعتقال واسعة ضد منفذي الوقفات والإعتصامات السلمية وكذلك الإعلامين ومراسلي القنوات والصحف المحلية والدولية، بالإضافة إلى تجميد أرصدة عشرون منظمة حقوقية وإنسانية، وإغلاق 18 منظمة أخرى.
اعتمد الحوثيون وموالوهم سياسة الحصار على المدن مما أدى لتدهور الأوضاع الإنسانية داخل العديد من المدن نظرا لما عانته من نقص حاد في المواد الأولية، وكانت أقسى تلك العمليات في مدينة تعز اليمنية والتي تعرضت أربع مديرات فيها للحصار لأكثر من سبعة أشهر منعت مليشيات الحوثي خلالها شاحنات محملة بالمواد الغذائية والمواد الطبية والوقود وشاحنات مياه الشرب من الدخول الى المدينة.
تقضي أحكام القانون الإنساني الدولي بأنه يتعين على جميع الأطراف في أي نزاع مسلح، التمييز بين الأهداف العسكرية من جهة، والمدنيين والمنشآت المدنية، من جهة أخرى، وضمان توجيه الهجمات المباشرة على الأهداف العسكرية فقط.
شهدت تلك الحرب خروقات واضحة للقانون الدولي الإنساني الذي حظر بشكل تام استهداف المدنيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال الحربية أو على المنشآت المدنية الخدمية التي لا صلة لها بالأعمال القتالية، كما حظرت القوانين الدولية زراعة الألغام الفردية، إذ أنها لا تحقق أي مزايا عسكرية بموازات نتائجها الكارثية على المدنيين.
هذا الكم من الجرائم وما نتج عنها من ضحايا يحتم على المجتمع الدولي التحرك بشكل عاجل وجاد لإنهاء وحسم هذا الصراع ووقف معاناة الشعب اليمني وتشكيل لجنة تحقيق في كل الجرائم التي ارتكبت وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة.