عامان مرا منذ إطاحة الجيش بالرئيس المصري محمد مرسي انحدرت فيهما أوضاع حقوق الإنسان في مصر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وفي ظل غطاء إعلامي من وسائل إعلام داعمة للنظام قامت السلطات المصرية
عامان مرا منذ إطاحة الجيش بالرئيس المصري محمد مرسي انحدرت فيهما أوضاع حقوق الإنسان في مصر إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، وفي ظل غطاء إعلامي من وسائل إعلام داعمة للنظام قامت السلطات المصرية بتصوير مسألة حقوق الإنسان وكأنها هي عائق الاستقرار وتحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب.
وفي ظل هذه الحملة استمرت عمليات القتل المنهجية بالتصفية المباشرة أو جراء الإعتداء على مظاهرات وتجمعات معارضة، أو تحت وطأة التعذيب والإهمال الطبي داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية أو حتى تحت القصف بنيران المدفعية الثقيلة في سيناء، واستمرت بالتوازي عمليات الإعتقال الجماعي التعسفية حيث تعرض غالبية المعتقلين للإختفاء القسري، تناغم مع الحملة الأمنية القضاء المصري فأصدر مئات الأحكام القاسية التي وصلت إلى الإعدام بموجب أدلة مفبركة صاغتها أجهزة الأمن بالتنسيق مع النيابة العامة.
وفي سيناء استمرت الدولة المصرية في إخلاء منطقة الشريط الحدودي مع قطاع غزة وما صاحب ذلك من تجريف كافة الأراضي والمزارع، وهدم المنازل، واستمر الجيش المصري في عملياته العسكرية باستخدام الأسلحة الأكثر فتكا والأقل دقة، ليصبح كافة مواطنو سيناء دون تمييز عرضة للقتل العشوائي، وعرضة لهدم منازلهم، وبالطبع للإعتقال التعسفي والإختفاء القسري بدعوى الإشتباه دون أي فرصة للإنتصاف القانوني أو التمتع بحقوق المحاكمة العادلة .
الإستمرار في عملية رصد انتهاكات حقوق الإنسان في مصر أمر ليس يسيرا ومحفوف بالمخاطر، في ظل ندرة المعلومات، بالإضافة إلى حرص النظام المصري على إظهار صورة مكذوبة ومشوهة لحقيقة ما يجري في مصر، كما يصبح أي نشاط حقوقي أو إعلامي خارج عن رواية النظام جريمة في نظر القانون المصري تستوجب الإعدام.
إلا أنه لا مفر من محاولة العمل الجاد من أجل إظهار الحقيقة وإجلائها وفق معايير جمع المعلومات المعتبرة دوليا لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والعمل الجاد من أجل إنهاء سياسية الإفلات من العقاب خاصة أن الإنتهاكات اتخذت طابعا استمراريا ومنهجيا يهدد بإشعال المنطقة بأسرها.
هذا التقرير يرصد بشكل كمي أبرز انتهاكات حقوق الإنسان في مصر في ربع العام 2015 الثاني من أول إبريل إلى آخر يونيو ويشير إلى إجمالي تلك الانتهاكات بإضافة ما تم رصده في التقرير السابق في ربع العام الأول كي يكون مادة جاهزة للتحرك القانوني من قبل الجهات والمؤسسات الحقوقية المهتمة بالشأن المصري.
آلية رصد وجمع البيانات:
تم الاعتماد في عملية التوثيق وجمع المعلومات على عدة مصادر أهمها التصريحات الرسمية الصادرة عن أجهزة الدولة، والبلاغات التي تقدم بها أسر الضحايا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بعد توثيقها، ثم المعلومات التي جمعتها المنظمة خلال رصدها للأحداث في مصر بشكل يومي من خلال فريق بحث ميداني وعدد من النشطاء والمحامين المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر.
ويلحق جمع البيانات عملية تقسيم نوعي وزمني ثم تحليل تلك البيانات تحليلا كميا للوصول إلى حصر عددي موزع على فترة عمل التقرير وجدولتها بالشكل الوارد بالتقرير.
تم تجنب أي إحصاءات لم تستوف المعايير الفنية والشكلية في عملية الرصد، ليكون ما تم رصده هو الحد الأدنى من المعلومات التي لا يمكن تكذيبها.
وتجدر الإشارة إلى أن الأعداد المرصودة في التقرير لا تعبر بالضرورة عن حقيقة أو حجم الإنتهاكات في مصر خلال فترة الرصد، فحجم الإنتهاكات في مصر لا يمكن الوقوف عليه بدقة في ظل الوضع القائم.