تعتبر الموازنة المالية العامة في أي دولة أحد أهم المؤشرات على توجهاتها وأولياتها، سواء كانت أمنية أو زراعية أو تعليمية أو صحية أو غيرها، وبناء على حصة هذه القطاعات أو الوزارات من الموازنة يمكن معرفة السمة العامة للدولة واهتماماتها. كما تعطي الموازنة انطباعاً عاماً عن مستوى الشفافية الذي وصلت إليه الدولة، فكلما كانت أرقام الموازنة مكشوفة وواضحة ودقيقة وشارك في إعدادها قطاعات متعددة في الدولة بدءا بموظفي الوزارات مروراً بمؤسسات المجتمع المدني وانتهاء بالمجلس التشريعي، كلما ارتفع مستوى الشفافية في هذه الدولة والعكس صحيح.
وقد تعددت تعريفات الموازنة العامة وذلك تبعاً لاختلاف الزاوية التي ينظر إليها من خلالها، إضافة إلى أن أولويات وظائف الموازنة المرتبطة أصلاً بالنظم الاقتصادية والإجتماعية السائدة في الدولة وبالفلسفة السياسية التي تؤمن بها، وتختلف من دولة لأخرى. ولكن مهما كانت الاختلافات في تفاصيل هذه التعريفات، الا أنها تتفق في أن الموازنة العامة:”هي خطة سنوية معتمدة قانوناً من قبل السلطة صاحبة الاختصاص، وتتضمن مجموعة من البرامج المتعلقة بعدد من الخدمات او النشاطات او المشاريع التي يفترض انجازها خلال فترة محددة، بالاستناد إلى مجموعة من التقديرات المحسوبة مالياً لمختلف الإيرادات والنفقات”.[1]
وتبرز أهمية الموازنة في نواحي عديدة، حيث تعتبر أداة رقابة فاعلة بيد السلطة التشريعية وتضمن لها الإشراف الكامل على التصرفات المالية للسلطة التنفيذية، كما تستخدم كأداة للتنسيق بين أنشطة وأجهزة الحكومة حيث تضمن توزيع وتخصيص موارد الدولة المختلفة على أوجه الاستخدامات المتعددة للجهات المتنفذة وذلك حسب حاجة كل جهة. وتستخدم الموازنة أيضا كأداة مؤثرة على الحياة الاجتماعية، فهي تلعب دوراً هاماً في إعادة توزيع الدخل وذلك عن طريق زيادة النفقات التعليمية والصحية والاجتماعية، الموجهة للفئات ذات الدخل المحدود أو عن طريق زيادة الضرائب على أصحاب الدخل المرتفع.[2]
أما الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية فتعرف بأنها: “برنامج مفصل لنفقات السلطة الوطنية الفلسطينية وايرادتها لسنة مالية معينة، وتشمل التقديرات السنوية لايرادات السلطة والمنح والقروض والمتحصلات الاخرى والنفقات والمدفوعات المختلفة”. أو هي “الاداة المالية الاساسية وبرنامج السلطة الوطنية التفصيلي للنفقات والايرادات لمختلف النشاطات المقدرة لسنة مالية معينة لتحقيق الاهداف والسياسات المالية والاقتصادية والاجتماعية، وما لم يكن استثناء بحكم القانون او اتفاقية دولية او عقد قانوني، فإن الموازنة العامة تحتوي على الصندوق الموحد وكل الصناديق الخاصة”.[3]
أما فيما يخص موارد ميزانية السلطة الفلسطينية، فيمكن تقسيمها إلى عنصرين رئيسين هما الايرادات الضريبية وغير الضريبية، فالإيرادات الضريبية تتكون من الإيرادات الضريبية المحلية وإيرادات المقاصة والإرجاعات الضريبية. أما غير الضريبية فتشمل أرباح الشركات التي تملكها الحكومة أو المساهمة فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إضافة للرسوم وغيرها، كما يتم سد العجز في الموازنة من خلال المعونات والمنح الخارجية من الدول المانحة ، أو من خلال الإقتراض من البنوك المحلية.