هل يستطيعون قتل الحقيقة؟
عقدت لجنة تقصي الحقائق المصرية المعينة من قبل الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور بقرار جمهوري في 21 ديسمبر/تشرين الأول من العام الماضي مؤتمراً صحفياً ظهر الأربعاء 26/11/2014 في مقر البرلمان للكشف عن تقريرها النهائي حول الأحداث التي تمت بعد 30 يونيو 2013 .
وضم التشكيل الأول للجنة كل من :
– دكتور فؤاد عبدالمنعم رياض كرئيساً للجنة
– دكتور إسكندر غطاس كنائباً لرئيس اللجنة
– دكتور محمد بدران
– دكتور حازم عتلم
– السفير عبدالرؤوف الريدي
– المستشار عمر مروان كأمين عام للجنة وليس له حق التصويت
– ثم صدر قراراً جمهوريا بإعادة تشكيلها بتاريخ 8 يناير 2014 ليأتي التشكيل الثاني مستبعداً السفير عبدالروؤف الريدي ، وضاماً للدكتورة فاطمة خفاجي ، كما تم ضم الدكتورة سهير لطفي في مارس 2014 كمستشارة لشؤون معاملة المحتجزين والمعتقلين مع تحديد أمانة فنية لها مكونة من شخصين للتحقيق في الانتهاكات التي تتم بحق المحتجزين .
وكانت مهمة اللجنة الواردة بالقرار الجمهوري هي تجميع وتوثيق المعلومات والأدلة ذات الصلة بشأن الوقائع التي تلك أحداث 30 يونيو وعقد اللقاءات والمقابلات وسماع الشهادات وإجراء المناقشات التي تراها اللجنة لازمة وتحليل الأحداث وتوصيفها وكيفية حدوثها وتداعياتها والفاعلين لها ، وما ترتب عليها من أثار والاطلاع علي ما تم من تحقيقات وبيان الوقائع والمعلومات والأدلة المتعلقة بالجرائم التي تكون قد ارتكبت في حق المواطنين ولم يسبق التحقيق فيها.
وتناول التقرير في بدايته الأحداث والأسباب التي أدت إلى 30 يونيو 2013 ، وذكر أن أبرزها الإعلان الدستوري الذي أصدره الدكتور محمد مرسي وتشكيل لجنة دستورية أغلبها من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ، وأحداث قصر الاتحادية والتي راح ضحيتها الحسيني أبو ضيف ، وأشار التقرير إلى بيان القوات المسلحة بعزل الرئيس مرسي ووضع خارطة الطريق ثم احتجاجات المعارضين لخارطة لطريق ، وأحداث العنف من جانب المتظاهرين في أحداث دار الحرس الجمهوري وما تلاها من أحداث ، وأحداث تجمعي رابعة العدوية والنهضة وفضهما ، وأحداث العنف والإرهاب في مختلف المناطق في مصر ، وأحداث سيناء ، وأحداث العنف ضد النساء والأطفال ، ومعاملة المحبوسين والسجناء في الوقائع ذات الصلة ، و أحداث حرق الكنائس والاعتداء على المسيحيين.
وأشارت اللجنة في تقريرها إلى أن التجمعات المعارضة لخارطة الطريق لم تكن سلمية وأنه تم ضبط العديد من الأسلحة داخل تلك التجمعات ، وأن المعتصمين هم من بادروا بإطلاق النيران على أفراد الشرطة أو أهالي المنطقة وإصابتهم ، مما حدا بالشرطة إلى استخدام السلاح تجاه مصادر النيران.
وجاءت نتائج واستخلاصات اللجنة في فض رابعة العدوية أن الفض نتج عنه 8 قتلى و156 مصاب في جانب الشرطة ، و 607 قتلى بعضهم من المواطنين غير المتجمعين الذين قتلوا برصاص مسلحي التجمع ، أما عدد المصابين فبلغ 1492 مصاباً وذلك بخلاف الذين آثروا العلاج خارج المستشفيات الحكومية.
أما فض النهضة فلقد خلف – وفقاً لنتائج التقرير – 88 قتيلا و366 مصابًا من بينهم 2 قتلى من الشرطة و18 مصاباً ، والبقية إما من المعتصمين أو من المنطاق المحيطة والذين كانوا ضحية اشتباكات مع المعتصمين.
أما عن أحداث الحرس الجمهوري ، فذكر التقرير أن الضحايا وقعوا نتيجة اشتباكات بين قوات الأمن والمتجمعين أسفرت الاشتباكات عن وفاة 2 من قوات الأمن وإصابة 42 آخرين، وتوفي من المتجمعين 59 فردًا وأصيب 435 شخصًا .وفي مسيرة المنصة أسفرت عن وفاة ضابط شرطة وإصابة 3 من رجال الشرطة ، وأيضاً وفاة 95 من المدنيين وإصابة 120 شخصًا.
وتحدثت اللجنة عن ظهور جماعات إرهابية في البلاد تستهدف العديد من الرموز الأمنية والسياسية ، كما أنها مسؤولة عن عمليات التفجيرات التي شهدتها البلاد ، وربطت بين أحداث فض الاعتصامين وبين الاعتداءات التي حدثت على الكنائس ومنازل ومحال المسيحيين في مصر كما ربطت بين بعض هذه الجماعات الإرهابية وبين جماعة الإخوان المسلمين وفقاً لما جاء في تحقيقات النيابة وثبوت أن بعض عناصر تلك التنظيمات ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ، وأشاروا إلى أن هناك ما يسمى بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان مسئول عن مد هذه العناصر بالاموال والأسلحة والمخططات استنادا إلى اعتراف بعض المنتمين إلى هذه التنظيمات المسلحة بذلك على حد وصف التقرير .
وحول الأحداث التي وقت في الجامعات فقد ذكرت اللجنة أن الطلبة من جماعة الإخوان المسلمين ومناصريهم كانوا يقومون بمظاهرات غير سلمية داخل الجامعات ، واشارت إلى أنه تم ضبط العديد من الأسلحة مع الطلاب ، كما أكد التقرير أن الشرطة تدرجت في استخدام العنف للتعامل مع تلك التظاهرات.
أما عن العنف ضد النساء فقد تضمن التقرير نتائج زيارة اللجنة إلى المحتجزات على ذمة قضايا تظاهر وغيرها ، وذكرت أنهن لا يعانين من أي مشاكل.
وبخصوص العنف ضد الأطفال ذكر التقرير أن جماعة الاخوان المسلمين استخدمت الاطفال بشكل غير مشروع واستغلتهم سياسياً حيث زجت بهم في العمل السياسي وأجبرتهم على النزول في التظاهرات ، وأقر التقرير باحتجاز عددا من الأطفال تم إلقاء القبض عليهم من تظاهرات وتجمعات ووجهت إليهم تهم المشاركة في أعمال عنف إلا أنها ذكرت أنهم يعاملون معاملة جيدة وظروف احتجازهم ملائمة .
أما عن المعاملة في السجون فلقد ذكرت اللجنة أنها توجهت إلى عدد من السجون المختلفة لمقابلة المحتجزين على ذمة قضايا تظاهر أو اللذين تم القبض عليهم في أعقاب عملية فض اعتصامي رابعة والنهضة ، ومقابلة بعض قيادات الإخوان المسلمين ، أو النشطاء السياسيين الذين ينتمون لتيارات مختلفة ، وقالت أنهم نفوا تعرضهم لأي نوع من أنواع التعذيب داخل السجون وأن شكواهم تتمحور حول قلة ساعات التريض أو الحبس الانفرادي أو التضييق في الزيارات أو المراسلات .
وأوصى التقرير بعدة توصيات أهمها تعويض ضحايا أحداث العنف عقب أحداث الثالث من يوليو ، وعرض قانون التظاهر على مجلس الشعب القادم ، وعرض بعض نصوص قانون العقوبات والإجراءات الجنائية على مجلس الشعب القادم ليصيروا أكثر تماشيا مع المجتمع الدولي وغير ذلك من النوصيات الشكلية .
وقررت اللجنه أنها اعتمدت في تكوين التقرير على بعض شهادات الشهود وتقارير الأمن العام والأمن الوطني والمخابرات العامة ورؤساء الكنائس الثلاثة ورؤساء جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر (المعينين) ووزارة الداخلية ، ،ومركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، والمتحدث الرسمي لمصلحة الطب الشرعي والقنوات الفضائية، “أون تي في” و”سي بي سي” و”المحور”، وصحف الأهرام واليوم السابع وفيتو.
وتجدر الإشارة إلى أن تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من قبل المجلس القومي لحقوق الإنسان حول أحداث فض ميداني رابعة العدوية والنهضة في مصر بتاريخ 05/03/2014 خلص إلى نتائج كان أهمها :
1. أن القوات التي قامت بتنفيذ فض الميدان هي قوات الداخلية فقط .
2. أن الإعتصام مورس فيه جرائم تخالف القوانين المحلية والدولية كالتعذيب والقتل خارج إطار القانون والقبض على بعض المواطنين واحتجازهم والتحريض على العنف والكراهية واستغلال الأطفال وحمل السلاح مما استوجب فضه.
3. أن قوات الشرطة قد التزمت بالمعايير الدولية في عملية الفض واستخدمت القوة بالقدر اللازم وتوافر لها حالة الضرورة فى استخدام اﻷسلحة النارﯾة وحافظت على التناسب النوعى بﯿن اﻷسلحة المستخدمة إلا أنها قد ارتكبت بعض الأخطاء الإجرائية غير المبررة.
4. إن المسلحين داخل الإعتصام كانوا يتحركون ويطلقون النيران من وسط المعتصمين فيما يمكن وصفه باستخدامهم المعتصمين كدروع بشرية .
5. أن عدد القتلى في أحداث فض رابعة العدوية والنهضة كان 632 قتيلا بينهم 8 من ضباط الشرطة.
6. أن القوات لم تمهل المعتصمين إلا 25 دقيقة فقط بين الإنذار و بدء الفض ولم تستطع تأمين الممر الآمن الذي أعدته لخروج المعتصمين فيما اعتبره التقرير خطأ إجرائيا.
وانتهت اللجنة إلى تحميل المعتصمين مسؤولية الإنتهاكات التى حدثت وجرائم القتل ، بينما اقتصرت انتهاكات الشرطة على أخطاء إدارية وإجرائية .
بعد مطالعة التقرير بشكل مفصل يتبين أنه يفتقد لأدني معايير المهنية ولا يمت إلى الموضوعية والحياد بصلة كونه تقرير أحادي الرؤية يعبر عن الرواية الأمنية للأحداث بشكل أكثر تطرفا على ما سيتم توضيحه دون أن يترك أي مساحة ولو لحياد مصطنع .
كما صدر ذلك التقرير متجاهلا الأدلة الدامغة معبراً عن رؤية السلطات الحالية مبرئاً لها من ارتكاب جرائم خطيرة ترقى لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ، ملقياً اللوم الكامل على الضحايا مخالفاً لأبسط المعايير الدولية الخاصة بقواعد تقصي الحقائق، والقواعد النموذجية لإجراءات تقصي الحقائق الخاصة بهيئات الأمم المتحدة الصادرة عام 1970 ونجمل أهم المخالفات في النقاط التالية :