تعتبر الإجراءات الإحلالية في الأراضي الفلسطينية مهما تعددت الذرائع إجراءات سياسية هدفها تغيير الواقع الجيوديمغرافي لتثبيت السيادة الصهيونية على كافة الأراضي الفلسطينية وخلق أوضاع معيشية صعبة تدفع الفلسطينيين للرحيل.
إن أبرز الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الصهيونية ومعها عصابات المستوطنين لضرب عصب استقرار الفلسطيني في أرضه هو هدم المنازل وتشريد عائلات بأكملها لتسكن في الخيام بجوار أطلال المنازل المهدمه لتبتعد،ولعل المثال الصارخ اليوم لعملية التطهير هذه المدعومة بالمال والقضاء تجري في مدينة القدس،ففي هذه المدينة تجري عمليات إعدام لكل ما يشير إلى وجه المدينة العربي، لا حرمة لمكان أثري أو ديني مسجد أو كنيسة ولا لمعلم ثقافي مدرسة أو معهد أو جامعة ولا حرمة لمنزل يأوي بين جنباته أطفالا ونساءا وشيوخا كل هذا مستباح امام آلة التطهير الصهيونية لبناء الكنس وإسكان مستوطنين يؤتى بهم من كل أسقاع الأرض حاملين معهم أساطير تعود إلى 3000 عام قبل الميلاد.
منذ عام 1948م كانت القدس هدفا مشروعا لحراب التدمير الصهيونية ففي السادس من نيسان عام 1948م بدأت عصابات الإحتلال بتنفيذ ما يعرف بخطة نحشون في القسم الغربي من القدس لتهجير السكان العرب حيث كان عماد هذه العملية تنفيذ المجازر التي بدأت من قرية دير ياسين،و هدم حوالي 37 قرية عربية وتشريد 60 ألف فلسطيني ولم يتبق في القسم الغربي سوى 750 شخصا من اليونانيين والفلسطينيين،وفي الثالث عشر من كانون الأول عام 1949م أعلن الكنيست أن القدس عاصمة (إسرائيل) الأبدية .
وعقب احتلال ما تبقى من الأراضي الفلسطينية عام 1967م قامت قوات الإحتلال بالإنقضاض على القسم الشرقي للمدينة ،واستهلت آلات التدمير عملها بتسوية حي المغاربة بالأرض حيث هدمت المنازل،المساجد والأماكن التاريخية ،على إثر الهدم تم تشريد 125 عائلة فلسطينية ما تعداده نحو 1000 نسمه.كما قامت قوات الإحتلال بإزالة كل العوائق التي تفصل القسم الشرقي عن الغربي وتم سن القوانين التي تكرس السيادة الصهيونية على شطري القدس وتعطي السلطات المحلية الحق في أن تفعل ما تشاء لتكريس هذا الطابع.وبدأت حدود بلدية القدس تتضخم شيئا فشيئا بضم مساحات فارغة من أراضي الضفة الغربية الى حدود بلدية القدس ،فقبل الإحتلال كانت حدود بلدية القدس 6.5كم مربع(70000 دونم و 28 قرية) وبعد الإحتلال تضخمت حيث أصبحت 108كم مربع، وفي العام 1993م توسعت لتصبح م 126.4 كم مربع،.يصف ميرون بنفستي مسشار سابق في بلدية القدس عملية التوسع بالقول “حدود بلدية القدس تتضخم مثل البالون حسب ما يريد السياسيون وهم عندما يلعبون في الحدود يلعبون في كل المعطيات الديمغرافية والسياسية والإقتصادية التي تتعلق بحياة المجتمعات السكانية التي تعيش داخل حدودها….وعلى مدار الإحتلال كان ضم الأراضي يتم بشكل تدريجي حتى أصبحت مساحة بلدية القدس ضعف مساحة بلدية باريس ومستقبلا سيتم ضم العديد من الأراضي”.وفي 30/7/1980م اتخذت الحكومة الإسرائيلية بفعل الواقع الديمغرافي والجغرافي خطوة متقدمة بإعلان القدس الموحدة عاصمة (إسرائيل) الأبدية.لم يعترف المجتمع الدولي بهذه الإجراءات واعتبر ضم شرقي القدس لاغ وباطل على أساس أن قوة الإحتلال لا تستطيع اكتساب أي حقوق سيادية على الأراضي المحتلة،وعلى الرغم من هذا الموقف استمر الإحتلال بسياساته لتغيير طابع المدينة المقدسة.
فقامت حكومة الإحتلال غير آبهة بالطابع الحضري والنسيج الإجتماعي لمدينة القدس وسكانها ببناء الجيوب الإستيطانية وتوسيع شبكة المنازل المحتلة داخل البلدة القديمة وتطويرها أما الأحياء العربية فتم عزلها وخنقها وإلغاء القانون الوحيد(قانون التنظيم الاردني رقم 79 لعام 1966 )الذي يتيح التطوير والتنمية في هذه الأحياء.ومع انطلاق عميلية السلام في مدريد وابرام اتفاق اوسلو عام 1993م الذي أجل البت في وضع القدس تسارعت الجهود الصهيونية من أجل تكريس الطابع الصهيوني للمدينة فصادقت الحكومة (الإسرائيلية) على بناء مستعمرة أبو غنيم في منطقة مصنفة على أنها خضراء لفصل الضفة الغربية شمالها عن جنوبها وتصاعدت وتيرة الإجراءات الإستيطانية في القدس وطرحت مناقصات لبناء آلاف الوحدات السكنية،فبين الحين والآخر تظهر مخططات هيكلية هدفها إحكام القبضة على شرقي القدس وفصلها عن التجمعات الفلسطينية وضم أكبر عدد ممكن من الكتل الإستيطانية المحيطة.