وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا رسائل إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، طالبت فيها بضرورة فتح تحقيقات عاجلة في الانتهاكات الكارثية التي تتم بحق الأسرى الفلسطينيين داخل مراكز الاحتجاز الإسرائيلية، خاصة بعد نشر تقرير شبكة CNN عما يتم من جرائم وممارسات وحشية ضد الأسرى داخل معسكر سدي تيمان في صحراء النقب.
وأوضحت المنظمة أن معسكر “سدى تيمان” كان في الأصل يُستخدم كقاعدة عسكرية، لكن الآن وبعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 حولته سلطات الاحتلال إلى مركز اعتقال يقبع بداخله مئات الفلسطينيين، غير معروفة هوية معظمهم، بصورة غير قانونية، ويتعرضون بداخله لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي حسبما نقلت شهادات عدد من العاملين السابقين في المعسكر.
وبحسب ما ورد في التقرير على لسان المُبلغين عن الانتهاكات، وهم من العمال الإسرائيليين، يتعرض الأسرى لمعاملة مهينة وغير إنسانية، ويُجبرون على الجلوس معصوبي الأعين على الأرض أو على مراتب رقيقة، ومحاطين بالأسلاك الشائكة، وتحت مراقبة شديدة على مدار الساعة.
كما لفت المبلغون إلى وجود أقسام خاصة داخل ذلك المعسكر حيث يتم استخدام قيود جسدية شديدة القسوة، تتسبب في إصابات بالغة في اليدين والقدمين تؤدي إلى بترها في أحيان كثيرة، كما تحدثوا عن وجود مستشفى ميداني أشبه بمقصلة الإعدام، حيث يتلقى المصابون رعاية طبية دون المستوى المطلوب ويتم إهمالهم إلى حد كبير، أو علاجهم بطريقة خاطئة بصورة متعمدة ما يؤدي إلى تفاقم الإصابة وتدهور الحالة الصحية.
وفي شهاداتهم أكد المبلغون أن الأسرى لا يُمنعون من الحركة والتحدث فحسب، بل يتعرضون أيضًا لإجراءات عقابية تنكيلية ليس لارتكابهم مخالفة أمنية، بل على سبيل الانتقام، لافتين أن هذه الانتهاكات تشتمل على الضرب الجسدي والممارسات الطبية التي قد تكون غير قانونية، مثل بتر الأطراف بسبب الإصابات الناجمة عن تكبيل اليدين المستمر.
وبينت المنظمة أن معسكر الاحتجاز هذا يعمل بموجب قانون المقاتلين غير الشرعيين الإسرائيلي، والذي تعرض لانتقادات بسبب الصلاحيات التي يمنحها لقوات الاحتلال لاحتجاز الأفراد دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
وحسب ما جاء في القانون المعدل في 30 يوليو/تموز 2008، فإنه يحق لرئيس الأركان العامة لجيش الاحتلال سجن أي شخص بناء على “سبب معقول” على أنه “مقاتل غير شرعي، وأن إطلاق سراحه سيضر بالأمن القومي”، ولفتت المنظمة أن القانون يعرّف المقاتل غير الشرعي على أنه شخص “شارك بشكل مباشر أو غير مباشر في أعمال عدائية ضد دولة إسرائيل، أو أنه منخرط في قوة ترتكب أعمال عدائية ضد دولة إسرائيل”.
إن ما تم الكشف عنه مؤخرًا في تقرير شبكة CNN ليست حوادث معزولة أو انتهاكات تم الإعلان عنها لأول مرة، بل هي جزء من نمط مثير للقلق من الانتهاكات التي يتم رصدها وتوثيقها على مدار العقود الماضية من قبل المنظمات والجهات الإعلامية المختلفة بما فيها الإسرائيلية، مثلما نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أكثر من مرة عدة تقارير عن وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان داخل السجون الإسرائيلية، وتشمل هذه التقارير تحقيقات استقصائية مفصلة عن تعرض الأسرى الفلسطينيين للتعذيب الجسدي والاعتداء الجنسي والإهمال الطبي.
وبالإضافة إلى هذه التقارير والتحقيقات، كشفت جمعيات الأسرى الفلسطينيين مؤخرًا أن 18 فلسطينيًا، من بينهم الدكتور عدنان البرش، وهو جراح بارز من غزة، لقوا حتفهم داخل السجون الإسرائيلية منذ بداية الحرب الحالية بسبب التعذيب والإهمال الطبي والاحتجاز في ظروف مروعة تنتهك كل معايير الاحتجاز الدولية.
وشددت المنظمة على أن الأدلة المتراكمة على المعاملة القاسية في مركز الاحتجاز العسكري سدي تيمان نفسه، إلى جانب الانتهاكات المماثلة المبلغ عنها في سجني جلبوع ومجدو حيث يُحتجز الفلسطينيون المتهمون بارتكاب جرائم أمنية، تستوجب فتح تحقيق عاجل واتخاذ إجراءات فورية لوضع حد لهذه الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها.