مع تصاعد حرب الإبادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية واللبنانية؛ تبرز مأساة الأطفال كأحد أوجه هذه الكارثة المستمرة.
في الضفة الغربية وقطاع غزة وحتى في لبنان؛ يدفع الأطفال ثمناً باهظاً لحرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، حيث يستهدفهم الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر، ما يحوّل براءتهم إلى مأساة، ويزيد من معاناتهم وآلام عائلاتهم.
أطفال الضفة.. تصعيد غير مسبوق
تشهد الضفة الغربية المحتلة ارتفاعاً غير مسبوق في استهداف الأطفال الفلسطينيين، فمنذ 7 أكتوبر 2023، قُتل 171 طفلاً، أي ما يعادل قتيلا واحدا كل يومين تقريباً، إضافة إلى إصابة أكثر من 1000 آخرين.
يُقتل الأطفال وسط عمليات عسكرية عنيفة يشنها الاحتلال الإسرائيلي، زاعماً أنهم “يشاركون في أعمال شغب”، بينما تشير الوقائع إلى استخدام مفرط للقوة والذخيرة الحية.
وذكر تقرير حديث نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، قصصاً مؤلمة عن معاناة أطفال الضفة، كقصة محمد حوشية (12 عاماً) الذي كان مولعاً بكرة القدم، وانتهت حياته برصاصة أثناء محاولته العودة إلى منزله، تُظهر قسوة الاحتلال.
مشاهد مماثلة تكررت مع غسان زهران (14 عاماً)، الذي أُطلق عليه النار أثناء لعبه مع أصدقائه.
وقالت الصحيفة إن هؤلاء الأطفال فقدوا حياتهم في ظروف قاسية، وغالباً ما يُمنع المسعفون من الوصول إليهم.
قطاع غزة.. جحيم الطفولة المستمر
وفي قطاع غزة؛ بات الأطفال هدفاً دائماً خلال لحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن النساء والأطفال يشكّلون قرابة 70% من القتلى، لافتة إلى أن أطفال غزة يعانون من استهداف جوي وبري مباشر يترك أثراً نفسياً وجسدياً عميقاً.
وعلى مدار 14 شهراً؛ قُتل أكثر من 40 طفلاً يومياً، في ظل حصار خانق وظروف معيشية قاسية، ليجد الأطفال الذين يفترض أن يحيوا طفولتهم بأمان، أنفسهم بين أنقاض منازلهم أو تحت ركام مدارسهم.
لبنان.. 3 أطفال يقتلون يوميا
لم يقتصر تصاعد العدوان الإسرائيلي على أطفال فلسطين، بل طال أطفال لبنان أيضاً. ففي غضون شهرين فقط، قُتل أكثر من 200 طفل، بمعدل يفوق ثلاثة أطفال يومياً.
وتشير تقارير اليونيسف إلى تجاهل مريع لهذه الجرائم من قبل المجتمع الدولي، فالأطفال اللبنانيون، شأنهم شأن أطفال غزة، يُعاملون بلا مبالاة دولية، “وسط تطبيع صامت للرعب” وفق وصفها.
ويُظهر الاحتلال الإسرائيلي عدم اكتراثه للمساءلة الدولية، حيث نادراً ما تُفتح تحقيقات بشأن مقتل الأطفال الفلسطينيين، فخلال العقد الماضي، أُدين جندي إسرائيلي واحد فقط بقتل طفل فلسطيني، ولم يقضِ سوى بضعة أشهر في السجن.
إن استهداف الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين يمثل جريمة مستمرة في ظل صمت دولي وأممي مريب، تعكس غياب أي ضمانات لحماية حقوق الأطفال في مناطق النزاع، وتواطؤاً دولياً يغض الطرف عن هذه الانتهاكات المروعة.
ويبقى الأطفال الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية ولبنان ضحايا لاحتلال لا يرحم، وسط صمت عالمي يعمق المأساة، ويجعل من المستقبل أكثر قتامة.