في مشهد يعكس تردي أوضاع حقوق الإنسان في مصر؛ يواجه السياسي البارز والناشط الحقوقي المهندس يحيى حسين عبد الهادي مصيرًا قاتمًا داخل السجون، حيث يجري تمديد حبسه الاحتياطي بشكل دوري، دون تحقيقات جديدة، وسط تدهور حاد في حالته الصحية.
عبد الهادي، الذي عرف بجرأته في الدفاع عن حقوق الشعب وانتقاد سياسات النظام، يجد نفسه اليوم ضحية لسلسلة من الانتهاكات التي تستهدف شخصه وصحته وكرامته.
منذ اعتقاله في بداية عام 2024، بعد نشره مقالًا بعنوان “إلى متى يصمت الجيش؟”، واجه عبد الهادي اتهامات نمطية تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة والتحريض على الإرهاب. ورغم عدم وجود أدلة ملموسة أو تحقيقات جدية تثبت صحة هذه الاتهامات؛ تواصل السلطات استخدام الحبس الاحتياطي كأداة لإسكاته، وهي ممارسة تثير تساؤلات حول مدى التزام الحكومة المصرية بالمعايير الدولية للعدالة.
وفاقم التدهور الخطير الذي طرأ على صحة عبد الهادي، الأوضاع المأساوية التي يعيشها في المعتقل، ففي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، تعرض لأزمة قلبية حادة استدعت نقله إلى العناية المركزة.
ورغم حاجته الماسة إلى رعاية طبية مستمرة، أعيد بعد أربعة أيام فقط إلى السجن، حيث تفتقر الظروف إلى الحد الأدنى من الرعاية اللازمة.
ووصف محاموه هذا الوضع بأنه “موت بطيء”، مؤكدين أن استمرار حبسه يهدد حياته بشكل مباشر. وعلى الرغم من تقديمهم تقارير طبية تفيد بخطورة حالته؛ إلا أن النيابة العامة رفضت جميع طلبات الإفراج عنه، ما يثير الشكوك حول دوافع هذا الإصرار على احتجازه.
وتزيد ظروف اعتقال عبد الهادي من تعقيد القضية، حيث تشير إفادات شهود عيان إلى أنه تم اختطافه في قلب القاهرة من قبل أشخاص يرتدون ملابس مدنية، يُرجح انتماؤهم لجهاز الأمن الوطني، بينما كان في طريقه لحضور ندوة سياسية. وتظهر هذه الطريقة في الاعتقال تجاهلًا صارخًا للإجراءات القانونية المتبعة، مما يضعف مصداقية النظام القضائي ويبرز الطابع القمعي للنظام.
وتُعد قضية عبد الهادي جزءاً من نمط أوسع يستخدم السجون كوسيلة لإخماد الأصوات المعارضة في مصر. ورغم المناشدات الحقوقية والدولية؛ تواصل السلطات المصرية تشبثها بسياسة التصفية السياسية من خلال استخدام خاطئ للأدوات القانونية، وهو ما يتنافى مع التزاماتها الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وتتطلب قضية عبد الهادي تحركًا عاجلًا لإنقاذ حياته وضمان حصوله على العدالة، وإلا فإن السؤال الأهم الذي سيبقى مطروحا هو: إلى متى سيستمر هذا التجاهل لحياة الإنسان وكرامته في مصر؟