يشهد قطاع غزة كارثة إنسانية مستمرة بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية بشكل ممنهج.
وفي واحدة من أحدث الجرائم البشعة التي شهدها قطاع غزة، قُتل 24 مدنيًا، معظمهم من الأطفال والنساء، جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلاً لعائلة في مخيم النصيرات.
وبينما كانت فرق الإنقاذ تسابق الزمن لانتشال الجثث من تحت الركام، استمر القصف في مناطق أخرى، ما أدى إلى سقوط المزيد من الضحايا، بينهم أطفال ونساء لم يتمكنوا من النجاة من قصف متعمد ومباشر.
ولم يسلم القطاع الطبي من آلة الحرب، حيث تعرضت المستشفيات وسيارات الإسعاف للاعتداء المباشر. ووثقت الكاميرات اليوم السبت حادثة إطلاق نيران كثيفة على سيارة إسعاف كانت تقوم بمهام إنسانية أمام أحد المستشفيات شمال القطاع.
وأدت هذه الاعتداءات المتكررة إلى شلل شبه كامل في نظام الإسعاف، إذ خرجت معظم المركبات عن الخدمة بسبب الاستهداف المباشر ونقص الوقود الحاد.
وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت مستشفى كمال عدوان شمال القطاع، حيث أجبر الطاقم الطبي، بمن فيهم الفريق الجراحي الوحيد، على إخلاء المستشفى تحت تهديد السلاح.
وقد جاء هذا الاقتحام بعد ليلة دامية أسفرت عن مقتل نحو 30 مدنيًا في بلدة بيت لاهيا، نتيجة قصف مكثف على المنازل المأهولة بالسكان.
وفي أنحاء مختلفة من القطاع؛ تواصلت عمليات نسف المنازل السكنية، حيث تم استهداف عشرات البنايات في بيت لاهيا وجباليا شمالاً وحي الجنينة شرق رفح. وفي كل مرة، يُقتل مدنيون ويُشرد من بقي على قيد الحياة وسط ظروف مأساوية.
وطال القصف مناطق مأهولة بالسكان، بينها محيط مدارس ومخيمات للاجئين، مثل قصف استهدف محيط مدرسة في حي الرمال وأدى إلى مقتل عدة أشخاص، بينهم أطفال كانوا يبحثون عن مأوى آمن.
الوضع الإنساني.. معاناة تفوق الوصف
ويتفاقم الوضع الإنساني يومًا بعد يوم، مع تصاعد أعداد القتلى والمصابين وتدهور الخدمات الأساسية. ويُقدر عدد القتلى والجرحى بأكثر من 150 ألفًا منذ بدء حرب الإبادة في 7 أكتوبر 2023، بينما تفيد التقارير بوجود أكثر من 11 ألف شخص مفقود تحت الأنقاض.
وأدى النقص الحاد في المواد الغذائية والوقود إلى تفشي المجاعة، حيث تُوفي عشرات الأطفال وكبار السن نتيجة سوء التغذية.
وتزداد معاناة السكان مع استهداف خطوط المياه والكهرباء، مما يهدد حياة الملايين ويجعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة.
وعلى الرغم من الإدانات الدولية الواسعة؛ بما في ذلك من مسؤولين أمميين وصفوا ما يجري بأنه “تطهير عرقي استعماري” و”جرائم حرب”، إلا أن هذه الأصوات لم تترجم إلى إجراءات فعالة لوقف الانتهاكات أو محاسبة المسؤولين عنها.
وقالت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، إنه “لا يمكن اعتبار ما يحدث في غزة مجرد حرب، بل هو دمار شامل وانتهاك صارخ لكل الأعراف الإنسانية”.
وتضع هذه الجرائم والانتهاكات المجتمع الدولي أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية وقانونية للتدخل ووقف آلة الحرب التي تواصل حصد الأرواح وتدمير الحياة في غزة.
إن استمرار الصمت أو الاكتفاء بالإدانات لن يؤدي إلا إلى تفاقم الكارثة وزيادة معاناة المدنيين المحاصرين.
غزة تستغيث، وأطفالها ونساؤها وشيوخها يدفعون ثمن تقاعس العالم.. وحان الوقت لتجاوز الحسابات السياسية، والعمل الجاد من أجل حماية الشعب الفلسطيني ووقف نزيف الدم المستمر.