تتفاقم معاناة عشرات الآلاف من الفلسطينيين في شمال قطاع غزة، حيث يواجهون أزمة إنسانية خانقة هي الأسوأ منذ سنوات، بفعل حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي تستهدف المدنيين والبنية التحتية بشكل منهجي، ما أدى إلى تدمير شامل، وتشريد مئات الآلاف من السكان.
ووفقاً للأمم المتحدة؛ فقد حُرم ما بين 65 ألفاً و75 ألف شخص في مناطق مثل بيت لاهيا وبيت حانون وجباليا من المساعدات الإنسانية الأساسية على مدى 66 يوماً، ما تركهم بلا غذاء أو مياه نظيفة أو كهرباء أو رعاية صحية.
ووصفت المنسقة الإنسانية للأمم المتحدة لإعادة الإعمار في غزة، سيجريد كاج، الوضع في القطاع الشمالي بأنه “كارثي تماماً”، مؤكدة خلال إحاطتها لمجلس الأمن الدولي أن انهيار النظام القانوني والفوضى الأمنية زادا من صعوبة إيصال المساعدات، مما جعل الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية غير قادرة على توفير الاحتياجات الأساسية لمئات الآلاف من الفلسطينيين.
وتشير التقارير إلى أن الحصار الإسرائيلي أدى إلى نزوح نحو 5500 شخص من مدارس كانت تأويهم في بيت لاهيا، حيث انتقلوا إلى مدينة غزة وسط ظروف إنسانية قاسية.
وأوضحت الأمم المتحدة أن أربعة مخابز فقط، جميعها في مدينة غزة، تعمل حالياً لتوفير الخبز للسكان، ما أدى إلى أزمة غذائية خانقة خاصة في المناطق الشمالية.
وليس الوضع الصحي في بقية أنحاء القطاع أفضل حالاً، حيث تفتقر المستشفيات والمراكز الطبية إلى الموارد اللازمة، بما في ذلك الأدوية والمعدات الأساسية.
كما أن نقص المياه النظيفة والكهرباء يزيد من خطر انتشار الأمراض، ما يضاعف من معاناة السكان، خصوصاً الفئات الأكثر ضعفاً مثل الأطفال والنساء.
من جانبها، دعت الأمم المتحدة سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى اتخاذ خطوات عاجلة لتخفيف معاناة السكان في غزة. وتشمل هذه الخطوات السماح بوصول قوافل المساعدات الإنسانية إلى شمال القطاع، فتح معبر رفح، والسماح بدخول المواد ذات الاستخدام المزدوج، التي تشمل العديد من السلع الأساسية للحياة اليومية.
وأكدت كاج أن الضغوط الدولية مطلوبة لضمان رفع الحصار والسماح بإدخال المساعدات إلى المناطق المتضررة. ومع ذلك؛ فإن غياب تحركات جادة من المجتمع الدولي يعكس تقاعساً عن مواجهة الأزمة الإنسانية المتفاقمة، ويزيد من تعقيد الوضع.
وتؤدي مواصلة الحرب والحصار دون تدخل دولي إلى تفاقم المأساة الإنسانية في غزة، مع تداعيات كارثية على المدى الطويل، ما يستوجب تحركاً فورياً لوضع حد لهذه الحرب الإبادة، وضمان إيصال المساعدات إلى السكان المدنيين، كخطوة أولى نحو معالجة الظلم الممنهج الذي يتعرض له الفلسطينيون في القطاع.