تشكل حرية الصحافة إحدى الركائز الأساسية لحقوق الإنسان والديمقراطية، إذ تتيح للأفراد الوصول إلى المعلومات وتكوين الآراء بحرية.
ومع ذلك؛ يشهد السودان استهدافاً مقلقاً للصحفيين والصحفيات، حيث يدفعون حياتهم ثمناً لالتزامهم بنقل الحقيقة في سياق نزاع دموي.
وتبرز حادثة مقتل الصحفية السودانية حنان آدم وشقيقها يوسف في قرية “ود العشا” بولاية الجزيرة كأحد الانتهاكات الصارخة التي تسلط الضوء على حجم الخطر الذي يواجه الصحفيين في السودان.
وقُتلت “حنان” مراسلة صحيفة الميدان السودانية، مع شقيقها يوسف داخل منزلهما، إثر هجوم شنته قوات الدعم السريع في ريفي “المدينة عرب” بمحلية جنوب الجزيرة.
ومنذ اندلاع الحرب السودانية في أبريل الماضي، قُتل 14 صحفياً وصحفية، إما أثناء أداء واجبهم الصحفي أو نتيجة الصراع العسكري الذي تجاهل تماماً حماية المدنيين، بمن فيهم الصحفيون.
وتتنوع الانتهاكات التي يواجهها الصحفيون في السودان، وتشمل القتل، الاعتقال التعسفي، التعذيب، التهديد، والعنف الجنسي، واستهداف مكاتب وغرف الأخبار، وحصار الصحفيين في أماكن عملهم التي تقع على خطوط الاشتباك.
ووثقت نقابة الصحفيين السودانيين ومنظمة “مراسلون بلا حدود” هذه الانتهاكات، ووصفتاها بأنها تمثل استراتيجية ممنهجة لفرض تعتيم إعلامي على جرائم الحرب التي تُرتكب في السودان.
تداعيات استهداف الصحفيين
إن استهداف الصحفيين لا يعرض حياتهم فقط للخطر، بل يعوق بشكل خطير تدفق المعلومات ويفرض تعتيماً إعلامياً يعيق وصول الحقيقة إلى العالم.
كما يعزز هذا الاستهداف ثقافة الإفلات من العقاب، حيث لا تتم محاسبة الأطراف المسؤولة عن الجرائم بحق الصحفيين.
ويزداد الأمر تعقيداً عندما يُمنع الصحفيون من ممارسة عملهم بحرية أو تُفرض عليهم قيود تمنعهم من تغطية الأحداث بحياد، مما يقوض حق الجمهور في المعرفة ويشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان.
وتمثل الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين السودانيين، وعلى رأسها حادثة مقتل الصحفية حنان آدم، انتهاكاً خطيراً لحرية الصحافة والحق في الحياة، ما يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لحماية الصحفيين وضمان مساءلة الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات.
كما يجب على المجتمع الدولي الضغط لتوفير بيئة آمنة تتيح للصحفيين أداء عملهم دون خوف من القتل أو القمع، فحماية الصحفيين ليست فقط مسألة حقوق إنسان، بل هي أيضاً ضرورة لضمان العدالة والشفافية ومساءلة الجناة في النزاعات المسلحة.